يستهل العدد أبحاثه، بمقال مهم للغاية، للعلامة الكبير “محمد يحيى عزان” عن “عرض مرويات الحديث على القرآن… الحَاجة والحُجّة والمنهج”، وبالرغم من أن العلامة الكبير كان قد كتب عن هذا الموضوع في أواخر عام 1998م، مستوفياً حقه، وأنه لقي يومها اهتماماً في الوسط الديني، لكن العلم لا حدود ولا تخوم له، وإنما هو فضاء واسع يمد الباحث بمعلومات جديدة، وكلما ظفر بمعلومة جديدة ظن أنه قد أوفى على الغاية، وإذا ما استمر في البحث فسوف يعثر على جديد أخر، وتتضاعف مساحة الرؤية، وأن العلم لا يكرر ما قد ألقى، ولا يتوقف عندما وجد.
وكان هذا هو حال شيخنا الشغوف بالمعرفة، فإنه يظل يغوص في نفس الموقع، منقباً فيه، يستكشف في نفس الموقع طبقات وراءها طبقات، وبهذا تتوسع المعرفة، نتيجة هذا الجهد، وهكذا استمر شيخنا في الغوص والتنقيب، فأعاد البحث ووجد جديداً، فصاغه ونشره في مجلة “المسار” العدد السابع، الصادر مطلع عام 2002م، بعنوان «عرض الحديث على القرآن منهج رائد في صيانة السنة النبوية». ولم يكتف بذلك، بل عاد من جديد للتنقيب في نفس الموقع، وطلع علينا بوافر من الجديد خصّ به مشكوراً مجلة “المسار”، قسمه إلى مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة، وهذا الذي بين يدي قراء “المسار”، هو مبحث واحد من مباحث الفصل الثاني. وأرجو من شيخنا أن يوالي بحثه، وأن يخص به “المسار”، حتى تكتمل الحلقات في تسلسل مترابط.
إن ما يقوم به شيخنا من تنقيب في هذا الموقع، لهو من الأهمية بمكان، لأن الأحاديث إما صادقة، وإما مدسوسة، وكلاهما كان له الأثر البالغ في صياغة المجتمع المسلم نهوضاً وهبوطاً؛ فصادقها نهض بالأمة المسلمة، فخلقت حضارة إنسانية عالمية، ومدسوسها أودى بالأمة من حالق، فخلق تخلفاً مزبداً. ومن هنا بالتحديد تأتي أهمية ما يكتبه شيخنا الجليل عن حديث رسول الله، صلى الله عليه وآله، لأنه ينقيه من خطأ الدساسين، ويعيد إليه – بعد تنظيفه وتطهيره من رجس المخادعين – ألق النبوية، ودوره في حيويته الحضارية، وقوته الروحية الخارقة، وذلك من أجل أن تعود الأمة المسلمة إلى سابق نشاطها العلمي وإنسانيتها، وإبداعها.
وشيخننا الجليل يدرك أن أعداء الإسلام قد عمدوا بطرق ماكرة خفية إلى الحديث – بعد أن عجزت كل مساعيهم في الدس على القرآن – فدسوا فيه ما يتلاءم مع رغبات الحكام الطغاة، ليروجوه، وما ينسجم مع الفضلاء البله، ليتبنوه. لقد كشفت بحوث أستاذنا عن الحديث، أغطية خداعهم لمن ألقى السمع وهو شهيد.
(2)
آتي الآن لأحلق مع أجنحة الأستاذ الدكتور “بركات محمد”، في أودية تتكسر فيها الأجنحة إلا من أوتي ريشاً طويلاً، وقوائم متينة، وأشهد أن ريشه طويل وقوائمه متينة فيما كتبه عن “ابن باجة الفيلسوف المتوحد”، فليس الحديث عن الفيلسوف ولا عن الفلسفة بسهل ولا ميسور، إلا لمن أعطي بسطة في العلم والعقل. ذلك أن الفلسفة لا تكتفي بظواهر الأمور، فيسهل التقاط أسرارها، لأنها بطبيعتها ليست استكشاف “المرئي”، وإنما الوصول إلى “اللامرئي”، أي الغوص في علم الغيب الذي سمح الله به للعقول الجبارة أن تستكشفه {ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء}، وضمن هذا السماح كان للفلاسفة المسلمين الحق في البحث والاستقصاء.
وهكذا حلّق البروفيسور الدكتور مع “ابن باجه الفيلسوف المتوحد”، في فضاء وسيع، أطلعنا من خلال هذ الفيلسوف على ما لا يعرفه “العلماء الماديون” من عالم مغاير، ومن ثم فتح “الباب الأندلسي” على “العالم اللامرئي”، فنرتاد معهما مناهل وحقولاً.
ولنا أن نعجب بهذا الفيلسوف الذي انطلق من مناخ مغلق ومرحلة تاريخية مجدبة؛ لم تعد تفيض بما كانت تفيض به “الأيام الإسلامية الزاهرة في إشبيليا”، والتي كانت قد ولت، “وولت معها الحقبة التي كان فيها الطوائف يجمعون حولهم العلماء والدارسين، ويغدقون عليهم”. لقد جاء “بعد هؤلاء المرابطون كمنقذين من ضغط الإفرنج المتزايد، إلا أنهم لم يكونوا منقذين فعلاً في نظر فيلسوفنا. فالسلطة الحقيقية كانت قد أخذت تنتقل إلى أيدي الفقهاء والمقلدين من رجال الدين. ففي الوقت الذي كان هؤلاء ينعمون فيه بالسلطة والنفوذ، كان الفلاسفة والمفكرون يلاقون ألواناً من الاضطهاد في العالم الإسلامي بجزأيه الشرقي والغربي. في ظل هذه الظروف الحالكة جاء ابن باجة الذي كان حاذقاً ماهراً في الفلسفة والمنطق وعلوم الفلك والطب والنبات والرياضيات والموسيقى، وباختصار بجميع ضروب المعرفة النظرية والعملية في عصره، إضافة إلى الشعر والأدب، فضلاً عن علوم الدين واللغة”.
وبهذا التعريف يعتبر “ابن باجة” في “الأندلس” رائداً ومعلماً فتح الطريق لمن جاء بعده “جاء ابن باجة في أوائل القرن السادس الهجري، في وقت كانت فيه الحضارة الإسلامية تواجه كثيراً من التغيرات السياسية والثقافية العميقة، وفي زمن عانت فيه الفلسفة والعلوم العقلية معاناة شديدة، وكان على هذا الفيلسوف الشاب أن يقف بشجاعة نادرة، مدافعاً عن الفلسفة أمام العدا، ومحاولات التشكيك السائدة في عصره ضد الفلسفة، فكان شجاعاً صريحاً بعكس نظرائه من المفكرين الذين آثروا سبيل السلامة، وانسحبوا من مسرح الحياة الفلسفية، ولم يكن ثناء تلميذه النجيب “ابن الإمام” عليه بأنه “في ثقابة الذهن ولطف الغوص على تلك المعاني الجليلة الشريفة الدقيقة أعجوبة دهره ونادرة الفلك في زمانه”، إلا لاستهلاله لطور التأليف الفلسفي في الأندلس، وبلوغه شأواً بعيداً في فهم أقاويل أرسطو، تفوق فيه على كل من الفارابي وابن سينا. ثم إبداعه تآليف فلسفية كثيرة أسس بها اتجاهاً عقلياً فلسفياً كان له تأثير لا ينكر على من جاء بعده مثل ابن طفيل وابن رشد وابن خلدون”.
(3-4)
ومن الحاضر إلى الماضي، حيث نجد عند باحثي الآثار فيضاً من الكشوفات التاريخية توجب إعادة النظر في إخباريات وهب بن منبه (114-151هـ/733م) و”كعب الأحبار” (بعد 39ه، العقد 660م) و”عبيد بن شرية” (مختلف في تاريخ وفاته)، المنثورة بكثافة في تاريخ “الطبري” (26 شوال 310هـ/16 فبراير 123م)، وغيره، والتي استمرت زمناً تمد المؤرخين بفيض من المختلقات متدفق. ومضت “الإخباريات” الأسطورية ردحاً من الزمن كأنها “أخبار” موثوقة، حتى جاءت الأبحاث الحديثة تفتح المناطق المغلقة، وإذا بنا من خلال نوافذ نطل على عالم آخر تماماً، جهله البعض، وتجاهله البعض، وحاربه البعض بغيظ متطرف ورعونة بلهاء.
يدين العصر اليمني الحاضر للدكتور الصديق “يوسف عبد الله” بارتياد هذا الباب، وبحسب علمي فهو أول من اهتم بلغة “المسند”، ودرسها دراسة علمية، ومنها اطلع على تاريخ آخر، ثم توسعت دائرة البحث بجهود دكاترة وأساتذة كرام قاموا بنشاط قوي في التنقيب في أكثر من موقع، وإذا بـ”الحضارة اليمنية” تبدأ تسفر عن وجهها المضيء، وإذا بنا لم نعد نفتخر بمجهول لا نعلمه، بل بمعلوم نعتز به.
ومن واجب الوفاء، ونحن نتحدث عن “اللغة السبيئة”، أن نذكر بالخير والثناء الدكتور المرحوم “محمد علي الغول” (5 ربيع الأول 1404هـ/10 ديسمبر 1983م) الذي أولى اهتمامه بـ”اللسان السبئي”، وقام بزيارة علمية “لليمن” عام 1394هـ/1974م، وألف عنها الكثير من مثل “مكانة نقوش اليمن القديمة في تراث اللغة العربية الفصحى”، ونشره في مجلة “الحكمة”، العدد 38، السنة الرابعة، 1975، ومثل كتابه “المعجم السبئي”، بالاشتراك مع ألفريد بيستون، وجاك ريكمانز، وفالتر مولر، ونشرته مطبعة لوفان دار بيترز، وبيروت المكتبة اللبنانية، 1982، ومثل مقاله عن “الهمداني، لسان اليمن وأعظم مفاخرها”، نشرته مجلة “العربي”، العدد 23، ص48-52، 1960، وصدر له بعد وفاته: كتاب “غزة في نقوش جنوب جزيرة العرب”، ونشر في “المؤتمر الدولي الثالث لتاريخ بلاد الشام (فلسطين)”، المجلد الثاني، ص367-376، 1983. فعلى ذكراه رحمة وسلام.
ولـ”المسار” أن تعتز بفتح صفحاتها لعلماء الآثار، ولها أن تسعد بأن يختارها الدكتور الباحث “علي محمد الناشري” والأستاذ الباحث “عباد الهيال”، لنشر بحثيهما عن النقوش. فالآثار تشكل وحدها مراجع الماضي وحافظة تاريخه، ومن ثم فالاهتمام بها عبادة تاريخية ملزمة، لأنها هي الأثر الوحيد الذي يسوقنا إلى معرفة تاريخ مجيد منسي، وإلى حضارة باذخة مدفونة. ومن هنا فلا يسع “المسار” إلا أن تقدر تقديرا عاليا جهودهما الصعبة والعسيرة، والتي تفوق صعوبة مؤرخي الكتب الذين تتيسر لهم المراجع بسهولة ويسر، عبر الكتاب وعبر الإنترنت بدون أن يغيروا جلستهم، أما مؤرخو الآثار والنقوش فهم يبذلون جهداً عير مسبوق، فيمصون يضربون في الأرض ابتغاء استنطاق صخور صماء، وإذا بها تفصح عن حقائق ليس لنا بها علم، وليس ذلك فحسب، بل نراهم يمضون في بيد وراءها بيد، يظلون يبحثون في مناخ عميق الصمت، حتى يتمكنوا بعد تعب مرهق وخطير من استخراج “واحات” هنا وهناك، وسوف يأتي اللاحق فيكمل مسيرة السابق، فتتلاقى الواحات ببعضها بعضاً، وتعاد الحضارة إلى سابق عهدها.
من خلال قراءتي لبحثيهما، وجدت فيهما – والحق يقال – روحاً علمية موضوعية متزنة خالصة للبحث وحده، وليس لهما من هدف إلا نشر ما وجداه على ما هو عليه، بدون إخراجه من أهدافه، ومحاولة تسييس الماضي كما سيس الحاضر، فصانا التاريخ بأمانة العلماء المخلصين.
تناول بحث الدكتور “علي محمد الناشري”: “نقش سبئي جديد من جبل كنن”، وتناول بحث الأستاذ “عباد بن علي الهيال”: “من نقوش المسند الحميري في خولان”، وكلا البحثين كانا في منطقة “خولان العالية”، وفي منطقتين متقاربتين من بعضهما، وقريبتين من “صنعاء” أيضاً. وبالرغم من هذا التقارب، فإن لهذين البحثين قيمة تاريخية مهمة للغاية، ذلك أنهما يتحدثان عن حضارتين اختلفتا اسماً، واتحدتا نوعاً، أو قل حضارة واحدة ذات وجوه متعددة؛ الأول: عن “الحضارة السبئية”، والثاني عن “الحضارة الحميرية”، فقدما للقراء قراءة في بعض جوانب حضارة خلاقة.
أستطيع أن أجزم بأن كل بحث قد أحاط بنقشه علماً، وطرح جديداً، وأثرى تاريخاً.
(5)
ومن الماضي إلى الحاضر، حيث نقرأ في بحث الأستاذة “أميرة علي”: “علاقة الشخصية بالمكان في رواية المرأة اليمنية”، بحثاً ممتعاً، وليس من عجب أن تقدم هذه الأميرة بحثاً في هذا المستوى، فللمرأة في الماضي دور مزدهر أعقبه ركود مطلق ألقى بها ظلماً وعسفاً وقهراً، في غيابة الجب، محرومة من معظم حقوقها، ومنها التعليم، لكن في هذا العصر استعادت النساء جزءاً من حقوقهن، وهي التعليم، فنهضت نهضة واعدة وسط ذهول المراقبين، وأسهمت كتابة في كل مرافق الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية والأدبية والعلمية، وسابقت الرجل وتفوقت عليه في مجالات كثيرة، مع أن زمن التحرر من بعض مظالمها كان قريباً، ويخيل إلي أنها عندما انطلقت من القمقم اندفعت بكل قواها تعوّض ما فقدته، وقسرت على تركه، في سرعة خارقة لم يكن يتوقع أن تستعيد نشاطها بهذا الشكل، بعد أن مكثت في “القمم الشيطاني” أزماناً شقية بائسة. فهذا النجاح السريع لا يتوازن مع البيات الطويل.
والملاحظة الإيجابية أن النساء لم ينطلقن بردود فعل غاضبة تصلي فيها الظالمين سوط عذاب، بل كانت وقورة في أبحاثها، مصممة على نيل كامل حقوقها. وإن ظهر بعض منهن يكتبن روايات يظهر من خلالها ردود فعل الكبت، والاستغراق في وصف حالات لا تفيد المجتمع، ولا تسعى إلى النهوض به، ولم تكن النساء وحدهن من استغرق في تلك الحالات، فإن بعض الروائيين من الرجال، مع أنهم لم يشعروا قط بحرمان ولا بكبت، ولكن ربما بفعل طلب الشهرة من باب خالف تعرف، والظهور بمظهر المثقف العصري.. والحق يقال إن الغالبية من النساء تبوأن مكاناً علياً نقداً وإرشاداً وتهذيباً، مع العلم أني لا أعترض على أحد، لأن هدفي هو الحديث عما يرفع بنياناً يتهدم، وليس هدفي شجب روايات التسلية والغرائزية التي اختار صاحبها أو صاحبتها طريقه.
ومن هؤلاء الباحثات الرصينات الهادفات أستاذتنا “أميرة”، في مقالها هذا الذي يتناول علاقة الشخصية بالمكان، وتحدثت فيه عن “الرواية” حديثاً متمكناً في أمره. ونحن نعرف أن الرواية تعمل في مجتمعها ما تعمله القنبلة؛ إن استخدمت في الخير عمرت، وإن استخدمت في الشر هدمت، وقد كان للرواية الهادفة مساهمات كبرى في خلق الوعي الثقافي والسياسي والاجتماعي و الاقتصادي، ولا يجهل أحد ما قدمته روايات “فيكتور هيجو” (10 محرم 1217هـ/22 مايو 1802م) من أياد لـ”فرنسا”، وما قدمته روايات “غوته” (19 شوال1247هـ/22م مارس 1832م) لـ”ألمانيا” من خدمات، وما قدمته روايات “تشارلز دكينز” (9 ربيع الأول1287هـ/9 يونيو 1870م) من مساعدات لـ”بريطانيا”، وينطبق القول نفسه على ما قدمته روايات “تولستوي” (4 رمضان 1323هـ/9 سبتمبر 1910م) من خدمات لـ”روسيا”، ويصح القول نفسه على روايات “نجيب محفوظ” (5 شعبان 1427هـ/30 أغسطس 2006م)، وما قدمته من خدمات لـ”مصر”، بحيث يمكن القول إن تلك البلدان تدين لتلك الروايات البنّاءة بالكثير.
وإنني أرجو من هذا المقال أن يستفيد منه كتاب الرواية من خلال دراسة الأستاذة الفاضلة، ما يفيد، كما أرجو منها متابعة البحث في الرواية، لما تشكله من أثر في المجتمع لا يكاد يشكله موضوع آخر، وهي أهل لذلك بكل تأكيد.
(6)
والجزائر مسك الختام.. و”اليمن” تدين لـ”الجزائر”، كما سبق أن ذكرت مراراً، بالشيء الكثير للزعيم “الفضيل الورتلاني” في المجال السياسي، وللفيلسوف “مالك بن نبي” في المجال الفكري، بدون معرفة بالتربة التي أنبتت هذين العملاقين، إلى أن جاء الدكتور الصديق “عبد النور آيت بعزيز”، فبدأ يفتح المنافذ، ويفك الأقفال، فنطل من خلال أبحاثه على معرفة الشعب الكريم، إطلالة المستفيد المتطلع إلى تقارب الوشائج وترابط الصلات.
ومنذ حين، ومن خلال أعداد سابقة، والدكتور الكريم يتفضل على قراء “المسار” بمثل تلك الكشوفات التاريخية، فيزيدنا بها علماً، وما نزال نتطلع إلى المزيد، من أجل التقارب المعرفي والأخوي، بعد أن قطع الاحتلال الغربي بيننا الأسباب التي كانت موصولة بدون جواز ولا تأشيرات، وكلنا يعرف أن العلاقات بين “اليمن” و”الجزائر” من قبل الإسلام وبعده، كانت متواصلة، ولكن الانقطاع بين مشرق الإسلام ومغربه منع التواصل، ومن هنا نعرف الخدمة المعرفية والأخوية التي يسديها الدكتور “عبد النور” بنور من عنده من خلال هذا المقال القيم “الإعلام التركي والقضية الجزائرية”، فنطلع على فصل من فصولها مدعوماً بالوثائق والتوثيق.
ركز المقال على “عرض محتوى ومضمون تقارير “السفارة الفرنسية” في “تركيا” من خلال تتبّع ما نشرته الصحافة التركية سنة 1957م [1376هـ] حول موضوع عرض القضية الجزائرية على الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، وهو موضوع شائك للغاية، نظراً لطبيعة العلاقات الودية التي كانت تربط بين تركيا وفرنسا في المجال الاقتصادي والعسكري والتقني، وعضويتهما في الحلف الأطلسي من جهة، وطبيعة العلاقات التاريخية والروابط الدينية بين “تركيا” و”الجزائر” من جهة أخرى”.
ومع أن الموضوع شائك للغاية، ولم تكن “تركيا” قد عادت إلى همومها الإسلامية، إلا أن الدكتور تمكن – برصانة – من تشذيب هذا الشائك، ومكّننا من قراءة فترة كانت فيها “الجزائر” تخوض ثورة مذهلة ضربت بها الأمثال، واستلهمها الأحرار.
رئيس التحرير