يتوجه الأستاذ زيد الوزير في هذا البحث نحو دراسة المصادر التي تناولت تاريخ "الإسماعيلية" ومعتقداتها بغية الوصول إلى معرفتها على حقيقتها، والتفتيش في أسباب تسامحها، بغية وصل ما انقطع وتقريب ما تنافر، عل ذلك يعيد الإخاء الغائب، ويجفف منابع الغضب الملتهب، ويعيد للعقل حرمته، وللتفكير أصالته، ويصون الدماء المسفوكة، ويحمي الأعراض المسلوبة.
وليس بعيدًا عن هذا الأفق ما دبجه يراع الأستاذ الدكتور "عبد الحميد أبو سليمان" في مقاله الرائع "قضية تجديد الدين في العالم المعاصر "، وللدكتور في هذا الأفق تحليقات قوية الجناح طوافة حول القمم العالية، وفي هذا المقال يطرح الدكتور كعادته مفاهيم جديدة تنير الطريق وتعبد السبيل وتشرح الغامض بقلم علمي رصين.
ويتناول الأستاذ الدكتور "يحيى بن يحيى المتوكل" بحث "اقتصاد السوق الاجتماعي في اليمن" وهو بحث في غاية من الأهمية؛ فالاقتصاد مرتبط بالمجتمع، ومع أن البحث الاقتصادي وعر التعبير إلَّا أني أشهد- وأنا الذي ليس له باع في الاقتصاد- أن الدكتور "يحيى" قد سهل وعر التعبير، والمصطلحات إلى درجة أن القارئ يستقي المصطلحات العلمية من كأس أدبي ممتع.
يرسم الباحث الأستاذ "أيت بعزيز عبد النور" في مقاله "الورتلاني في البحار" صورة نابضة لهذا الزعيم الفذ وهو يتنقل بين الشواطئ خائفًا يترقب من أن يُلقى عليه القبض، فيسلم إلى الإمام "أحمد" فيجز عنقه، وبقي أشهرًا تقاذفه الأمواج السياسية من ميناء إلى ميناء فيمنع من النزول في أي منها ولا يقبله بلد واحد، حتى نزل متخفيًا في "لبنان". إنها قصة مجاهد في سبيل الله، تجاوز الحدود المصطنعة وجاهد في أكثر من مكان، وكانت مواقفه في اليمن هي التي ألحقت به سوء المتاعب فله على اليمن بصفة خاصة دين مستحق.
وكعادته يقدم الأستاذ الدكتور "بركات محمد مراد" مقاله عن "الفنان المسلم والإبداع" فيبدع في موضوعه. وللمسلمين في الفنون باع كبير، سواء في حقل الإعمار أم البستنة أم التصوير، وليست مساجد "تركيا" و"أصفهان" و"تاج محل" إلا آيات فنية خالدة، ولـ"إيران" باع في رسم الصور الأخاذة والفنون الجميلة التي ازدهت بها المجالس، وتزينت بها الدواوين، وكذلك "الهند"، ومدن "سمرقند" و"بخارى" وغيرها وغيرها.
وفي الختام - وختامه مسك- تقدم "المسار" "حلم أبي القاسم" للمرحوم الشاعر الأديب "إسماعيل الوريث" نور الله ضريحه، مع بعض مقالات كان قد دفع بها قبيل رحيله، إلى "المسار" لنشرها تباعًا، فعسى أن يتحقق حلم أبي القاسم في أوطاننا المهيضة الجناح؛ فتمرع بالعدل والمساواة والحرية.