يلقي الأستاذ عبد الله القيسي الضوء على ركائز العلمانية من منظور قرآني، ليبين أن القيم الإنسانية الكبرى التي تنادي بها العلمانية مضمنة في القرآن الكريم، وأنه لا تعارض بين المسارين، وإذا كان ثمة اختلاف فإنما هو في التَّفاصيل وطرق التطبيق.

قدم الأستاذ «عبد الله القيسي» لهذا العدد بحثاً عن «ركائز العلمانية من منظور قرآني» وأشهد أن المقال مفيد وخصب وأنه قام على البحث الموضوعي.

بَيد أني شخصياً كنت أتمنى لأن يسميه «ركائز السكيولارية من منظور قرآني» لأن ترجمة «السكيولارية» بالعلمانية ترجمة غير دقيقة وكائدة، ولا تُعبر بصلة عن مضمون «السكيولارية»، وتسميتها باسمها أجدى وأصح وأكثر فهماً وأوسع نفعاً، وكما لم تترجم «الديمقراطية» و«الليبرالية» وأخذتا باسميهما، فكذلك يكون الأمر مع «السكيولارية». أما ترجمة «السكيولارية» بـ «العلمانية» فقد تاهت معانيها في أودية «العلم» و«العولمة» فضاعت الفائدة، وهي لا تقرب من مضمون «السكيولارية» ولا حقيقتها لا من قريب ولا بعيد.

وفي البحث لخص الأستاذ «القيسي» تعريف «السكيولارية» أنها: تقوم على ركائز ثلاث: 1.استقلال مؤسسات الدولة عن السلطة الدينية. (عدم تسلط أي مذهب على الدولة). 2.حرية المعتقد. (حرية الضمير والعبادة والدين والعقيدة لكل فرد). 3. حياد الدولة تجاه المعتقدات. (المساواة في الحقوق بين المذاهب والمعتقد أو المواطنة المتساوية).

 وبالنظر الى هذا التعريف نجد أنها لا تخالف ما ورد في «القرآن» في شيء، ولكنها تخالف «المسلمين» في كل شيء، فـ «القرآن» لا يفرض على غير المسلم حكمه وأحكامه، وهو للمسلم كـ «السكيولارية» للسكيولاري، كل له معتقده، وكما أن السكيولاري لا يسمح بفرض «الديني» عليه، فـ «الديني» لا يسمح بفرضها عليه إذ ﴿لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ و﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾، لأن السكيولارية الفرنسية مثلاً تحولت الى دين متطرف.

ولقد بذل الأستاذ “القيسي” كل جهد، وأحاط بالموضوع من كل أطرافه وبحث بحث الطالب للحقيقة الساعي اليها ببصر وبصير.