يسعى الكاتب من خلال هذا البحث إلى تقديم مراجعة جادة تصحح مسار التعامل مع الروايات، بعيداً عن الإفراط في تقديسها والتفريط الذي يدفع البعض إلى تجاهلها وكأنها لم تكن أو أن ليس لها أي قيمة معرفية بالمطلق. خصوصا وأن الأهواء والتعصب المذهبي قد جعل من الأحاديث مسرحاً للروايات المتصارعة، ومسرحاً للتكفير والتفسيق، ومسرحاً للوضع والاختلاق، حتى جعل بعض العلماء – لكثرة تناقض الروايات واضطرابها – ينأى بنفسه عن الأحاديث المروية عن النبي كلها أو بعضها أو أكثرها.

قام العلامة الكبير: محمد يحيى عزان، بجهد عظيم عبر سلسلة من مقالاته العلمية الموضوعية والمفيدة في تفكيك أسباب التباعد والتباغض بين المذاهب الإسلامية، والتقارب بينها سواءً على المستوى الداخلي أو الخارجي.

وفي هذا العدد يوالي جهده الإيجابي في هذا السبيل، ويكتب مقالاً مهماً عن «رواية الحديث النبوي منهج التوثيق وحجية الدلالة» ليضع قواعد لما عليه الناس يختلفون، ونحن نعرف أن الأهواء والتعصب المذهبي قد جعل من الأحاديث مسرحاً للروايات المتصارعة، ومسرحاً للتكفير والتفسيق، ومسرحاً للوضع والاختلاق، حتى جعل بعض العلماء – لكثرة تناقض الروايات واضطرابها – ينأى بنفسه عن الأحاديث المروية عن النبي كلها أو بعضها أو أكثرها.

ويكشف العلامة عزان أن «من الخطأ أن يُفرض العمل بقاعدة ينبني عليها قبول أو ردّ نصوص مهمة؛ لمجرد أن فلاناً عمل بها، أو يُحكم في روايةِ بصحة أو ضعف، لأن فلاناً حَكم بمثل ذلك، والصواب هو أن يتقيد الجميع بالقواعد والمصطلحات الموضوعية المبنيَّة على حقائق علمية يدرك سائر العقلاء جدواها؛ لأن البناء على قاعدة غير صحيحة يُعد جهداً عبثيّاً”. وهذه دعوة صحية لقراءة أحاديث رسول الله كما قالها، أو قريب مما نطق بها صلى الله عليه وآله وسلم، والذي لا شك فيه أن من يعمل بهذا المنهج سيجد نفسه بعيدا عن الهوى والتعصب والتمذهب.

ويسعى الكاتب من خلال هذه البحوث إلى تقديم مراجعة جادة تصحح مسار التعامل مع الروايات، بعيداً عن الإفراط في تقديسها – وهي التي ليس ثمة ما يقطع بصدورها عن النبي على الأقل بتلك الصيغ والتراكيب، فضلاً عن فصل كثير منها عن سياقها التاريخي والموضوعي – وبعيداً أيضاً عن التفريط الذي يدفع البعض إلى تجاهلها وكأنها لم تكن أو أن ليس لها أي قيمة معرفية بالمطلق.