يعد هذا المقال من البحوث المهمة التي تسعى لتنظيف الحديث النبوي من الملصقات التي نفذ من خلالها المتمذهبون والسياسيون والمشككون؛ إلى انحرافات بشعة أصبحت ديناً، أو منهجًا للتشكيك.. وفيه بين الكاتب اختلاف العلماء حول حكم الرواية بنص اللفظ أو بالمعنى، وأشار إلى حجة كل منهم، مبينا أن «القيمة المعرفية للحديث النبوي المروي بالمعنى» تختلف مراتبها ومقتضياتها فضلا عن حجيتها.
يأتي هذا البحث في سياق أبحاث المفكر زيد الوزير في عقائد الفرق الدينية، التي يسعى لتقديمها كما جاءت في كتبهم، عل ذلك يسهم في هدم السدود الفاصلة بين المسلمين ويخلق الألفة بعد الفرقة، والسلام بعد الاقتتال. وفي هذا البحث خلص إلى أن طائفة الموحدين الذين يسمون خطأ بالدروز، قد تعرضوا للتكفير بغياً بدون حق، وأنهم في العقائد الأساسية كسائر المسلمين.
قدم الأستاذ الدكتور أبو بكر با قادر بحثه عن تاريخ الأسر العربية والإرث في جنوب آسيا، ليصل ما انقطع من تاريخ، ويحيي صفحات كانت مطوية عن حضرموت الحبيبة، وفي مقاله هذا المترجم نسافر معه إلى المهجر فنتعرف على مالم نكن نعرف، ونعود من الرحلة وملء أيدينا زاد علمي طيب، ولا نزال نطلب المزيد ونتأهب لسفر جديد.
تمكن الدكتور بركات مراد في مقاله هذا عن أبي حيان التوحيدي من وضع معالم واضحة لحياته الغنية المثمرة ومعاناته المريرة، وألَـمَّ بمعالم حياة أبي حيان إلماماً ممتازاً، وقدم للقارئ صورة واضحة عن تلك النفس الحزينة المعذبة بحساسيتها المرهفة وإنسانيتها النقية، التي يئست من إصلاح مجتمعها، فأحرقت ما لديها من كتب غير عارفة بحفاوة النخبة بإنتاجها القيم، وغير عارفة بما سيكون لما بقي من كتبها من حفاوة وتكريم في المستقبل.
يُخلَّد الملوك بأعمالهم وكتبهم، وليس بسيوفهم، فالسيف لا يترك سوى آثار الدمار ورائحة الجثث المتعفنة، بينما القلم ينشر العلم وينفع الناس. سيظل الملك الأفضل حياً بفضل مؤلفاته وميتاً بسبب سيفه، ويعطينا كتابه فكرة عن تحول البساطة إلى فخامة، بل تأثرت بطقوس الإمبراطوريات، وهذا التحول ساهم في تفشي الطغيان والاستبداد، وأصبح التواضع والعدل استثناء في تاريخ المسلمين.
كتب الدكتور محمد أحمد النهاري، عن البردوني: بشار اليمن. وإذ ترحب المسار به كاتباً مرموقاً، وناقداً حصيفاً تجد فيما كتبه واحة خضراء نأوي إليها بعد رحلة البحث العلمي المرهق في صحارى التنقيب، فنستريح فيها قليلاً كطائر حط جناحه في دوح مخضر ساعة من الزمن ثم طار، وها نحن نستريح فيها، ونستروح أنساماً منها، ونهيئ أنفسنا معه لرحلة جديدة، بل لرحلات جديدة، ونعم الرفيق رفيق الفكر الخلاق.