فأما المقال الأول فتحدث عن خزانة مكتبة بني الوزير، منذ أن تأسست على يد جد الأسرة الأمير محمد العفيف، الذي انتقل إلى رحاب الله في 600هـ/ 1203م، وحتى اليوم. أي تاريخ ما يقارب (844 عامًا). ومن المعروف أن هناك خزائن كثيرة لعلماء اليمن لا تكاد تحصى، منها الكبيرة ومنها الصغيرة، وأتمنى من أحفاد أولئك العلماء أن يقوموا بإخراج خزائن آبائهم من مراقدها. ولا أعلم حتى الآن أحدًا قام بهذا الجهد سوى المرحوم الباحث عبد السلام الوجيه (ت 6 الحجة 1443هـ/ 5 يوليو 2022م)، فقد تمكن في كتابه القيم (مصادر التراث في المكتبات الخاصة في اليمن)، في جزأين كبيرين، من حصر ( 39 مكتبة) خاصة من مكتبات عدة، ومع ذلك فقد بقي الكثير لم يتمكن من حصرها. وقد قام الأستاذ الباحث عبد الله الحبشي بحصر (909)، في كتابه (فهرس مخطوطات بعض المكتبات الخاصة في اليمن). كما قام الأستاذ عبد الوهاب المؤيد بتسجيل المكتبات الخاصة للمخطوطات اليمنية. كما قام الأستاذ الباحث عبد الملك المقحفي بكتابة أماكن بعض المكتبات التي تحتفظ بكتب مخطوطة، وتستحق الدراسة والتصوير، مع أسماء مالكيها وكميات بعضها، وحصر مكتبات بعض الأسر وغيرهم.
علمًا أن من قام بهذه الجهود الأخيرة قد كثر عند علماء الهادوية في الشمال، ولم أجد حتى الآن – في ما أعلم – أن أحدًا قام بحصر المكتبات الخاصة بعلماء تهامة واليمن الأسفل وجنوب اليمن وشرقيه، بشكل عام، سوى بعض المكتبات القليلة. ومما يحسن ذكره أن هؤلاء لم يُحصوا المكتبات العامة، كمكتبة الجامع الكبير وغيرها، حيث لكل مكتبته وفهرسها الخاص.
ومعلوم أن كتب القوم هي واجهة تمدن إن لم أقل حضارة، فقد تخلو الحضارة من روحانيتها، فتبقى مثالًا – إلى جانب ما تنجزه من روائع العلوم والتكنولوجيا – للقوة والتعسف، بينما التمدن يتساوى فيه الروح مع المادة في انسجام مبين. ومن ثم فالحرص على إبراز ما في الخزائن من الكنوز المختبئة، نشر لتمدن غائب.