يوافق صدور هذا العدد حلولَ شهر رمضان الكريم لعام 1441هـ. وبهذه المناسبة العظيمة يسعد أعضاء «مجلة المسار» أن يتقدموا إلى الأمة الإسلامية بكل مذاهبها وشعوبها، بالتهنئة المباركة بشهر الخير والسلام، كما يسعدهم أن يتقدموا بوافر التهنئة للإنسانية كلها، داعين رب العالمين أن يشمل العالم كله بالإخاء والتفاهم بالكلمة الحسنى، فهذا الشهر الكريم يدعونا لنتذكر وجوب حسن العلاقات الإنسانية التي جمعنا الله تحت آيته الكريمة «رب العالمين»، في افتتاحية القرآن الكريم، وأكد على هذا المعني في آيته «إله الناس» في ختام القرآن الكريم. إن التأكيد القرآني في بدايته وفي ختامه، على أنه «رب العالمين»، وأنه «إله الناس»، لهما دعوة سلام وأمن وإخاء لكافة الناس، لمن شاء أن يؤمن ومن شاء أن يكفر. وكل عام والإنسانية كلها في خير وسلام ومحبة.
1
قد تحدثت طويلاً عن المطرفية ومأساتها بما يكفي، ولكني وجدت شيئاً جديداً ألزمني بالحديث عنه مجدداً، فكتبت هذا المقال تحت عنوان «الجديد عن المطرفية»، وذلك أن الأستاذ الباحث «جمال الشامي» عثر على كتاب «شرح الفصل» لعلامة المطرفية الكبير ومرجعها ومرشدها في وقته «الحسين بن علي اليحيري»، و«كتاب الفصل» هذا هو من تأليف الإمام المرتضى محمد بن الهادي (ت 310هـ). أرى في هذا الشهر الكريم – شهر الرحمة والتراحم وعدم اللغو فيه- فرصة متاحة لمسعى خير، يرفع الظلم عن تاريخ طائفة من الزيدية ظُلمت ظلماً مبيناً، ليس من قبل الإمام عبد الله بن حمزة، وحده، وإنما من قِبَل عدة «علماء مخترعة» صبوا عليها الاتهام صباً، وهي فرصة نفكر فيها بروحانية مطلقة، فندرس قضيتهم بدون تعصب أو هوى أو استغلال، ليمكن لنا – بعلم نقي صافٍ من الأهواء – إنصاف ما أنزل على أفكارهم من ظلمٍ، وما أصاب أجسادهم من قتلٍ.
بـعد مطالعتي لـ«شرح الفصل» تبين لي بوضوح أن الدعوى المزمنة التي أصر على محاولة إثباتها سلف الطائفة الزيدية «المخترعة»، وخلفها، بطلت بظهور هذا الكتاب، وبسبب تفرد المخترعة بالساحة من ناحية، وغياب كتب «المطرفية» من ناحية أخرى، فقد بقيت الدعوى صاحية لم تنم. ومعلوم أن المخترعة نفت نفياً قاطعاً انتماء المطرفية إلى الإمام الهادي وجده القاسم وابنيه المرتضى والناصر، وأصرت على إثبات هذه الدعوى جيلاً بعد جيل. وليس من شك عندي أن إصرار المخترعة على إنكار هذا الانتماء هو دفاع استباقي لما سيلحقه في حالة ثبوت انتماء المطرفية من انهيار بقية التهم تلقائياً، ويلزم في ذلك لوازم في حق المتَّهِمين، على حد تعبير «ابن الوزير».
قرأتُ كتاب «شرح الفصل»، وقدمت له، بعد أن توثق – من خلال ما قرأته في هذا الكتاب، وما كنت قد ذهبت إليه في بحوث سابقة – صحة انتماء المطرفية إلى الأئمة الأربعة. ولأن هذا الكتاب متمسك بأفكار الإمام المرتضى، فهو في الوقت نفسه متمسك بأفكار الأربعة الكبار، باعتبارها تشع من مدرسة واحدة متنوعة الاجتهادات.
إن تبني العلامة اليحيري أفكار المرتضى وتفسيرها للمزيد من فهمها، والاتفاق معها، وعدم مخالفتها، قد قطعت جهيزة قول كل خطيب، وقلت في نفسي إنه من الخير، أن تعم الفائدة منه، سواء بالموافقة على ما ذهبت إليه أم بما يخالف ما رأيته، ومن ثم رأيت -من أجل هذا الغرض- أن أعيد نشر «التقديم» في هذا العدد من «مجلة المسار»، مع تعديلات بسيطة، وإضافات مختصرة.
والآن، وبعد صمت طويل، ظهر كتاب يثبت هذا الانتماء ويؤكده، وكان هذا الاكتشاف، وتقديراً لمكتشفه، وراء كتابة مقدمة لهذا الكتاب المهم، سواء لصحة انتماء المطرفية إلى الإمام المرتضى، أو لما في الكتاب نفسه من أفكار بينات، خصوصاً وأن كاتبه هو علامة المطرفية الكبير ومرجعها في وقته اليحيري. ولا ينبئك مثل خبير.
2
وفي هذا الإطار، كتب العلامة «محمد يحيى عزان» مقالاً ممتازاً تحت عنوان جذاب ودقيق كعادته في تناول أبحاثه. تحدث فيه عن «الزكاة.. قِيَم ثابتة في تشريعات دينية مرنة»، برؤية العالم المتفتح على المستجدات، وما تقضي به الاجتهادات، وبحيث توافق المقولة الرائعة حيثما تكون المصلحة فثمة شرع الله. وفي هذ الشهر الكريم، شهر الخير والعطاء، تجسد فيه «الزكاة» وظيفة اجتماعية بامتياز، لأنها تصب في دائرة التعاون والبر والإحسان، فتوجب على الغني أن يشارك الفقير بعض ما يملك، بعيداً عن الصدقات الأخرى، إذ الصدقات عبادة تطوعية، بينما الزكاة عبادة مفروضة على المسلمين جميعاً، تصرف على المحتاجين والفقراء، ومن ثم فهي عبادة اجتماعية.
وبما أن الزكاة وظيفة اجتماعية، فهي أيضاً وظيفة سياسية يؤخذ بها وفق «المقاصد» لتسهل قيام دولة العدل، فأباح الله للمؤلفة فيها حصة إذا استدعت الظروف العمل بها.
وبما أنها وظيفة اجتماعية مفروضة، فلغير المسلم الفقير حق في إغاثته، لأنها تجري في مساق الحديث الشريف الشامل «في كل ذي كبد رطبة أجر» بشراً وحيواناً.
وقد جال علامتنا في شرح القيم الثابتة والتشريعات المرنة، فأتى بالشرح الأحسن، والتفصيل الأجود، وألم بآراء كل المذاهب، بحيث جاء المقال مزيناً بمختلف الآراء. ومن الخير أن أضرب مثلاً بما جاء في بحثه عن المؤلفة قلوبهم، ليستبين منهجه المنصف.
يقول الكاتب: «والمرونة في هذا المصرف، تأتي في: بقاء حكم هذا المصرف أو ارتفاعه، فقد جاء عن الإمام مالك، أنه لا مؤلفة اليوم؛ معتبراً التأليف خاصّاً بالنبي صلى الله عليه وسلم. في حين يرى غيره أن حق المؤلفة باقٍ إلى اليوم، وهو متروك لتقدير الإمام. وعن الإمام أبي حنيفة أن التأليف لا يكون إلا في حالة ضعف المسلمين، أما في حالة قوتهم فيسقط بقوة الإسلام. وعن الإمام الشافعي أن التأليف لا يشمل الكفار؛ لأنه لمجرد تسكين قلب الداخل في الإسلام وإعانته على الثبات عليه. أما فقهاء الهدوية فيرون أن التأليف شامل للكفار لما يراد من تقريبهم إلى أجواء الإسلام وضمهم إليه من خلال الرعاية الماليّة لهم، ولما يولد ذلك من شعور حميم لدى الكافر تجاه الإسلام وأهله، فيزداد اهتمامه بالتفكير فيه، وبتعلّم أحكامه وشرائعه. وأيده العلامة المقبلي، فقال: الظاهر جواز ذلك، لحصول المعنى الذي لأجله شُرع التأليف، فيجوز له تأليف الكافر والمسلم لذلك، لعدم الفارق».
وإذا ما كان لي من رأي أدلي به في هذا الموضوع، فأنا أختار رأي أبي حنيفة في أن التأليف لا يكون إلا في حالة ضعف المسلمين، أما في حالة قوتهم فيسقط بقوة الإسلام، وهو رأي عمر بن الخطاب والصحابة. وأختار رأي الهدوية أن التأليف شامل للكفار لما يراد من تقريبهم إلى أجواء الإسلام وضمهم إليه من خلال الرعاية الماليّة لهم، ولما يولد ذلك من شعور حميم لدى الكافر تجاه الإسلام وأهله، فيزداد اهتمامه بالتفكير فيه. أما رأي الإمام مالك فينقضه أن التأليف بقي معمولاً به أيام أبي بكر، ولو كان وقفاً على أيام الرسول على الله عليه وآله، لما تجرأ أبو بكر -وهو المتبع- على بقائه.
3
إن الدستور ضرورة لا بد منها للخروج من كل الظلمات المطبقة، وهو حبل النجاة الوحيد من طوفان الظلم المتسلط، ولكي “يحكم” الدستور فعلاً، فالخطوة الأولى هي أن يفهم الناس “فقهه” فهماً يوجب الحفاظ عليه بصياغة خبراء من ذوي الخبرة المخلصة لمصالح الأمة أولاً وآخراً. وفي هذه الظروف السيئة التي تضطرب فيها دول العالم الإسلامي سياسياً، يحاول العلامة القانوني «عباس محمد زيد» تنوير الناس بتفهيم مفردات الدستور ليستقبلوه بتفهم وفهم، ومن ثم يتعاملون معها سلوكاً ثقافياً، فليس المطلوب طرح دستور بأمر الحكام ومصاغ وفق مقاساتهم، فما أكثر تلك الدساتير، ولديه منها الشيء الوافر، ولكنه بحاجة إلى فهم مفردات الدستور. وأستطيع أن أجزم أن فقه الدستور ما يزال غائباً عن الوعي، وهذا الغياب هو سبب تلقي الناس بقبول عشرات الدساتير التي تتبدل باستمرار مع كل انقلاب، ويأتي كل منقلب فيصيغ لنفسه دستوراً خاصاً به. وفي أحسن الحالات تتم صياغة دستور ليوائم بين التوازنات السياسية، أي دسترة القوى المتصارعة. ومع هذا كله، فلم يطبق دستور واحد، وبقيت رغبة الملك أو الرئيس هي الآمرة الناهية. والسبب -في رأيي- أن الدساتير العربية لم تتحقق؛ لأنها لم تأتِ من مطالب أمة، وإنما جاءت وتجيء من قبل رأس الدولة إعلاناً منه بأنه يحكم بدستور، وليس وراء الإعلان إلا السراب.
خرجت من قراء مقال الدكتور «عباس زيد» الممتع والمفيد، «تطور القضاء الدستوري في النظم العربية بعد رياح التغيير»، بتلك الانطباعات التي ذكرتها، بعد أن أطللت معه على دساتير العالم العربي هنا وهناك، وتذكرت كم هي الدساتير التي صيغت بكل دولة، ولم تطبق، وليس من الغريب في مجتمع كالمجتمع العربي أن يصبح عدم تطبيق الدستور هو الحجة البالغة لأي انقلاب عليه، وتظل هذه الحجة تتكرر مع كل انقلاب.
هذه المكاشفة مني ومن غيري -بطبيعة الحال- ليست دليلاً متشائماً، ولكنها دعوة للتفاؤل على ضوء كشف الحقائق المغيبة، وتشبه دور حكيم يكشف خطورة مرض ليعالجه، وأنا أعتقد أن تفتح وعي الأمة السياسي بالدستور، سيعيدها إلى استلام دورها القيادي من خلال مؤسسات المجتمع المدني، وليس بأمر من حاكم متغلب، وأعتقد أيضاً أننا يجب أن نزداد علماً بالدستور، حتى يتبين الفارق بين وضعه للاستغلال، وبين وضعه للبناء، ونمضي صعوداً ولا نهبط نزولاً.
تحدث الدكتور عباس زيد في مقاله عن:
وما بحثه الدكتور هو فرع خصص للقضاء الدستوري فقط باستثناء الباب الأول، وللدستور منادح أخرى تتطلب منه ومن أمثاله أن يثروا الموضوع بأبحاثهم حتى يصبح الدستور سلوكاً ثقافياً. وللمطالع أن يستعد لقراءته لأن لكل باب فصولاً متنوعة تفتح شهية القارئ إلى المزيد ولطوافه معه، وأنا في الواقع لم أقرأ ما كتبه الدكتور عباس فقط، وإنما قرأت دروساً بالثقافة الدستورية. ومقال مثل هذا يعتبر إنعاشاً للثقافة الدستورية الغافية، وإثراء للوعي النائم، فلتقرأ الأمة دستورها لتعلم به، وما خلق الإنسان إلا ليعلم، والتجارب السابقة علمتنا أن دساتيرنا كتبت في بياض جميل وطبعة فارهة، ولكني أشك أن الآمر به قرأه، كما لم أعلم أن الجامعات ناقشته، والمراكز درسته، والمجلات حللته، والصحف تابعته، وأعتقد أن هذا من أسباب فشل الدساتير، وعدم اهتمام الأمة بها. وإذن، فلتقرأ لتفهم وتتمسك بما فهمت، وتناضل من أجله إذا أراد حاكم أن يعبث به، أو يحتال عليه.
ومن هنا، فإنني أقدر للدكتور عباس توجهه لإثراء الثقافة الدستورية في ما كتبه وسيكتبه، وأعتبر أن ما كتبه هو دروس عبر مقالاته، تغذي الثقافة الدستورية، فما أشد حاجتنا إلى مثل هذه الدروس.
4
وقد أدرك الأستاذ الدكتور «حميد العواضي»، أهمية اللسان في التطور البشري، فأولى مسعى حميداً لدراسة اللسان العربي، وأولى الترجمة منه وإليه اهتماماً محموداً، لأن الترجمة تعتبر رافداً خصباً في إثراء أي لسان، ليس من ناحية مفردات الكلمات الجديدة التي تتمخض بها المخترعات، وإنما من ناحية ما تنقله من جديد الفكر. ومن ثم فإن للترجمة -وهي بهذه الأهمية- شروطاً معينة، كتب الأستاذ الدكتور عنها أبحاثاً مفيدةً، وخصها بكتاب متميز هو «الفهرس العربي لأدبيات علم الترجمة»، ويعتبر من محاسن كتبه في هذا الباب، بل هو في حد علمي فريد في بابه. إذ الهدف من التَّرْجمة، على وجه التحديد، دراسة التفاعل الثَّقافي. وفي شهر رمضان، نزلت أولى مفردات الحضارة الإسلامية: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾، فشادت الأمة المسلمة حضارتها العالمية بألسنة مكتوبة متعددة، لأن لغة غير مكتوبة تظل دائرة في محيطها الصغير، تتداول ما يحتاجه مجتمعها المحدود. ومن المعلوم أنه لا توجد حضارة بغير لسان، تسجل إنجازاتها وطبيعة نظمها، إذ اللسان المكتوب هو اللبنة الأولى لقيام حضارة ما.
وفي هذا العدد، خص الأستاذ الدكتور «مجلة المسار» بمقال ترجمه عن مقال للكاتبة سوزان سنت، باسم «الثقافة والترجمة»، وهي أستاذة في مركز الترجمة والدراسات الثقافية المقارنة في جامعة وارويك، في بريطانيا. ولم يكتفِ الدكتور بترجمة المقال، بل أضفى عليه من تعليقاته المفيدة ما زاده تكاملاً؛ إذ تناول مقاله محطتين رئيسيتين مهمتين، الأولى: لماذا اتخذ علم التَّرجَمَة منعطفاً ثقافياً؟ فشرحه وتوسع في الشرح، وشرح دوره فيه مع آخرين، والثانية: “رأسُ المالِ الثَّقافي والشّبكةُ النَّصية”، ووضحها وأبان مقاصدها.
5
إن غياب مفردات الحضارة الإسلامية، يعني أن هذا اللسان الحضاري فقد تأثيره في استعادة حضارته، وليس عليه إلا أن يذوب في الحضارة الغربية المعاصرة، ولذا ندرك أن تجهيل اللسان العربي قد بدأ باحتلال الدول الأوروبية للعالم الإسلامي، وسعيها الحثيث لإحلال غريب الوجه واليد واللسان محلها ومحل رجالها. ومن الأسف فقد نجح الاحتلال الغربي في مقاصده، ونما جيل واسع يفهم تاريخ الغرب ويجهل تاريخ المسلمين، وبهذه العملية نسي القوم تاريخهم وحضارتهم، إلا كطيف بعيد غير مرئي. ومن هنا بالذات يجب أن تستمر الكتابات عن اللسان العربي، وإظهار محاسنه، وعمق دلالته؛ إحياءً لتاريخ مطمور، وفخر مقبور، وبداية موفقة لاستعادة مجد غارب. ومما يتناغم وينسجم مع بحث الثقافة وترجمة السابق، مقال الأستاذ «خالد ضيف الله الشماري»؛ «التحويل بالحذف في العربية.. دراسة في المفهوم والمترادفات». وكم يسعد «مجلة المسار» وكم يسعد قراءها مثل هذا التوجه لدراسة اللغة العربية التي أُهملت بعمد وجهل، كي يضعف اللسان العربي، فلا يتمكن من فهم القرآن الكريم وخالق حضارة زاهية ومؤثرة في الحضارة الغربية.
وقد ألم الأستاذ خالد ضيف الله، في مقاله المذكور، بموضوع الحذف، إلماماً شاملاً، فبدأ: بـ مفهوم الحذف، وتناوله من مختلف جوانبه، وكذلك فعل عندما ثنّى بـ مترادفات الحذف، وثلّث بـ مرادفات الحذف، وشرح الفرق بينهما، وختم مقاله بالإيجاز والاختصار والتأويل. وحَسُن ختاماً.
6
وكان من المفروض أن أبدأ مقالات «المسار» بالحديث عن القرآن الكريم، احتراماً وأدباً، فأبتدئ بمقال الأستاذة «ألطاف محمد الفندي» عن «توظيف القرآن الكريم في المعجم دراسة في ضوء نظرية التَّناص»، ولكني رأيت أن معظم مقالات هذا العدد له صلة بشهر رمضان الكريم، فقلت فلأضعه في الختام، كما أن الخواتم العشر هي في ختام الشهر الكريم، وهكذا فعلت وأبقيت للقرآن الكريم مكانته الأولى.
ويسعد «مجلة المسار» ما تنشره لأستاذات ممتازات من مقالات ذات أبحاث متنوعة، أثبتن -من خلال ما ينشرن- تفوقهن في معظم المجالات، الأمر يبشر ليس باستعادة مكانتهن العلمية السابقة، ولكن بريادتهن في مختلف الفروع، ودليل هذه الانطلاقة العلمية في زمن سريع بعد أن حجر عليهن التعليم، ومُنعن من المعرفة زماناً شقياً، وعندما فتح الباب المغلق تمكنَّ من التفوق في معظم المجالات، وأنا على ثقة أنهن سيحلقن بجناحين ذوي ريش طويل.
كتبت الأستاذة ألطاف الفندي مقالها بلطف العالم وفحص المنقب، وبدأت بمقدمة ضافية شرحت فيها معنى التناص، فألمت به، ثم تحدثت بإسهاب عن: مدخل.. في مفهوم المعجم وعلاقته بالتَّناص، ثم بـ الشّاهد الممثّل به في التناص. وبعد تلك تحدثت عن: مفهوم التناصّ القرآني ومناهجه في المعجم، زادته إيضاحاً بحديثها عن: مناهج التناصّ القرآني في المعجم، ثم توسعت فتحدثت عن: التناص الاقتباسي، ثم تلته بالحديث عن التناص الإيحائي، وضربت له أمثالاً، وختمت مقالها بـ خاتمة مفيدة استخلصت فيها نتائج بحثها المفيد على نحو ما ستقرأه في “المسار”.
رئيس التحرير