أحمد الفراك

الأستاذ عبد السلام ياسين المنهج والمشروع

عن «الأستاذ عبد السلام ياسين المنهج والمشروع» يتحدث الدكتور أحمد الفراك عن أحد رموز الإصلاح في المغرب، حيث أشار إلى اجتهاده في التراث وتحديث رؤيته الدعوية، عبر عدد من كتبه ورسائله. وطرح مشروعًا إصلاحيًا يعتمد على منهاج قرآني ونبوي وعملي، ركز فيه على تربية الإنسان ووحدة الأمة وسد الثغرات ومنع التجاوزات.

يأتي المقال الثاني للدكتور أحمد الفراك عن «الأستاذ عبد السلام ياسين المنهج والمشروع»، وهذا الإمام رجل من رجال الإصلاح الكبار في المغرب الأقصى. وفيه تحدث الكاتب عن الأستاذ عبد السلام ياسين باعتباره من العلماء الذين أثروا تأثيرًا كبيرًا في صفوف الصحوة الإسلامية، واستشهد على ذلك بكتبه ورسائله ومحاضراته وحواراته. ويذكر أنه كان مهتمًا بالتراث العلمي الزاخر دون أن يعتبره مقدسًا لا يُلمس؛ بل كان فيه مجتهدًا ومجددًا. ورغم الفتن التي تعيشها الأمة اليوم، فقد بقي مستبشرًا بغد الإسلام المشرق، في كل من التربية والفكر والسياسة، والاقتصاد، والقوة والمعنى.

واستطرد في عرض جوانب من سيرته مولده إلى وفاته في ديسمبر 2012م، ومن أهم ما جاء في تاريخه هذا هو أنه «حصل للأستاذ تحول روحي ومعرفي كبير بصحبته لشيخ صوفي ست سنوات، قبل أن يغادر زاوية التصوف إلى فضاء أرحب منه، حيث انتقل من المنطق الصوفي إلى المنطق المنهجي». وفي رسالة مطولة سماها «رسالة الإرشاد»، يشرح فيها نظريته التجديدية في الدعوة، ليفتح تجربته الجديدة على واجهة مشرعة على الشأن العام بإكراهاته وتضحياته. وكان من الشجاعة الفكرية أن كتب سنة 1974م رسالة «الإسلام أو الطوفان» إلى الملك الحسن الثاني (ت: 1999م)، من أجل تذكيره بمسؤوليته أمام ربه وأمام شعبه، وتنصحه بإبعاد بطانة السوء عن التسلّط على رقاب الأمة، وإرجاع أمانة الحكم إلى موضعها الشرعي. وفي سنة 2000م كتب رسالة أخرى من داخل حصاره -الذي استمر أكثر من عشر سنوات- إلى الملك الحالي بعنوان «مذكرة إلى من يهمه الأمر»، جدد فيها مضامين «رسالة الإسلام أو الطوفان».

ثم تحدث الكاتب عن مشروع الأستاذ ياسين، مشيرًا إلى أنه طرح مشروعه الإصلاحي في عشرات الكتب، ومئات الدروس، والمحاضرات المرئية، والمسموعة. وتحدث عن أسلوبه الخاص في الكتابة، مع العلم أنه لا يكتب من أجل الكتابة، وإنما يكتب من مختبر الفعل، فـ«منهجية الكتابة لدى الشيخ ياسين تخرج عن المتعارف عليه، وتكاد تكون نسخة من منهجيات رجال العلم الأولين في تاريخ الإسلام، لديه خلفية معرفية يستطيع بها متابعة الجدل الذي يفتحه».

وينتهي الكاتب من حديثه إلى أن مؤلفات الأستاذ «تدور كلها حول مسمى “المنهاج النبوي”، وكأنها مؤلفات تفصيلية في كلياته»، ثم تعرض بتفصيل إلى ما يقصد بالمنهاج؟ وما هي خصائصه ومقوماته؟ وماذا يوفر لنا المنهاج؟ وبعد أن جال في هذه المواضيع، خلص إلى أن منهاجه، يتكون من أربعة محاور: منهاج قرآني. منهاج نبوي. منهاج عملي. ومنهاج شامل. وأفاض الكاتب في شرح تلك المناهج بقلم خبير عليم.

وتطرق الكاتب إلى فكر الأستاذ ياسين في: إمامة الأمة ومستقبلها. فذكر أن للإمام كتابًا «اسمه “إمامة الأمة”، وهو أحد أجزاء كتاب “دولة القرآن” التي صدرت منها ستة أجزاء وهي: الخلافة والمُلك. في الاقتصاد. البواعث الإيمانية والضوابط الشرعية. رجال القومة والإصلاح. مقدمات في مستقبل الإسلام. القرآن والنبوة. جماعة المسلمين ورابطتها».

وكانت رؤيته تجديدية نقدية فريدة، تناول فيها:

1- تربية الإنسان قبل بناء الأوطان.

2- التغلغل في الأمة لا التلصص عليها.

3- الجندية والمعيار العمري.

4- جهاد متكامل لتغيير شامل.

5- البلاغ الأمين المبين لا إعلام المفسدين.

6- الاجتهاد الجماعي الجامع.

7- وحدة الأمة وإمامة المستضعفين.

وختم الكاتب بحثه بقائمة كتب الإمام، التي تبلغ 26 مؤلفًا. فعلى الإمام الكبير سلام الله ورضوانه، وللدكتور تحية إعجاب بما أبدع وأجاد.