أعود إلى الحديث عن أبحاث هذا العدد، بدءًا بالبحث الذي كتبته عن الهمداني أستعرض فيه ما له وعليه. ولن أتحدث عن المقال؛ ولكنني سأترك الحديث عنه لمن قرأه راضيًا به، أو ناقدًا له، وكلاهما مرحب به أجمل ترحيب، وبخاصة ممن يجد فيه نقصًا أو خطًا، فليس مثل النقد الموضوعي ما يثري الأبحاث ويخصبها.
وما أريد أن أذكر هنا، هو أننا تعودنا أن نكتب التاريخ من خلال أشخاص كانت لهم أدوار منيرة وملبّدة وحالكة السواد، أي أننا بعبارة أدق «نشخصن التاريخ» من حيث إننا نركز الأبحاث على هذه الشخصية أو تلك، ونأتي بالوقائع المنتقاة للتدليل عليها، وهذه منقصة لا شك فيها، وفي رأيي أن الطريقة لكتابة التاريخ التي تكون أجدى وأكثر إفصاحًا وتوضيحًا، هي التركيز على دراسة الوقائع التاريخية كلها، وتقويمها، ومن ثم فهي ومن خلالها يتبين الصواب والخطأ، والعكس لا يؤدي إلى وضوح سوء الفعل وصوابه، والانتقاء جريمة لا تغتفر.