الدور التنويري للأستاذ أحمد محمد النعمان

تحت عنوان «الدور التنويري للأستاذ أحمد محمد نعمان» قدم الدكتور أنور عباس كمال محاضرته،  فتحدث عن هذا الدور بزادٍ وافر، فهو الدور الأبرز والمفيد في حياة الأستاذ رحمه الله، إذ لا يختلف أحد معه أو عليه فيه، أما الجانب السياسي في حياته، فهو كغيره من السياسيين عرضة للأخذ والرد، والمدح والقدح، والاصابة هنا والخطأ هناك. لكن الذي لا خلاف معه فيه هو دعوته للتعليم وجهاده في إنشاء تكوين «كلية بلقيس» في عدن. والشيء الذي يشهد له أنه هو والسيد أحمد الشامي كانا شجاعين في نقد نفسيهما في مذكراتهما.وكان ممن فيها كل من: أ. زيد بن علي الوزير. د. أحمد صالح النهمي. د. أنور عباس الكمال. د. صفاء لطف عروة. أ. لطفي فؤاد نعمان.

يأتي الدكتور أنور عباس الكمال ليلقي محاضرته تحت عنوان «الدور التنويري للأستاذ أحمد محمد نعمان» وقد سبق له أن نال درجة الماجستير في التاريخ الحديث والمعاصر عن رسالته الموسومة بعنوان (أحمد محمد نعمان ودوره في حركة الأحرار اليمنيين دراسة تاريخية 1934م – 1962م) من جامعة صنعاء عام 2012م، فهو إذن يتحدث عن هذا الدور بزادٍ وافر. ولسوء حظي فلم أطلع على كتابه هذا، ولكن محاضرته هي نبتٌ من ذلك الغراس، وأعتقد أن اختياره لهذه العنوان كان موفقاً؛ لأنه الدور الأبرز والمفيد في حياة الأستاذ رحمه الله، إذ لا يختلف أحد معه أو عليه فيه، أما الجانب السياسي في حياته، فهو كغيره من السياسيين عرضة للأخذ والرد، والمدح والقدح، والاصابة هنا والخطأ هناك. وقد اختلف مع الكثيرين واختلف معه الكثيرون، حتى أصدقاؤه من مثل الزبيري والارياني والعمري، وقال فيهم وقالوا فيه، وتعرض لهم بلاذع النقد، كما تناولوه أيضاً بنفس السهام سراً وجهراً، لكن الذي لا خلاف معه فيه هو دعوته للتعليم وجهاده في إنشاء تكوين «كلية بلقيس» في عدن. والشيء الذي يشهد له أنه هو والسيد أحمد الشامي كانا شجاعين في نقد نفسيهما في مذكراتهما.

كانت بواكير عمل الأستاذ المرحوم هو الدرس والتدريس، وكانت خواتم أعماله هو الدعوة إلى التعليم. ولم أعرف ممن اهتم بهذه الناحية من زعمائنا كأثنين هما الأستاذ نعمان والأستاذ علي عبد العزيز نصر، وقد وصل النعمان إلى قناعته بأولوية التعليم نتيجة معاناة حريق العمل السياسي، وحرقة الاغتراب. ويذكر «الدكتور كمال» في محاضرته أن المرحوم توصل بعد الجهد السياسي الطويل إلى: «أن المعركة خارج الوطن قد تحولت إلى ثرثرة، وكراهية وبغضاء وإحنٍ وسباب وشتائم ومهاترات حطّمت معنوية المناضلين في الداخل، وأماتت عزائمهم؛ لأنهم كانوا قد عرفوا الأحرار في الخارج كتلة واحدة ورأياً واحداً. فأنا أكرر النصح وأدعو أحبابي في الخارج أن يغيّروا أساليبهم تماماً وأن يؤمنوا بأن العلم سلاح المعركة وزادها وأساسها».

يعيد المحاضر بداية التوجه إلى التعليم، إلى ما بعد فشل الثورة الدستورية، وقد يكون هذا صحيحاً، لكنه بحاجة إلى توثيق، ولعله يقصد بسابق ممارسته الوزارية في ظل عهدي «ولي العهد» و«الإمام» أحمد، ولكن التعليم مختلف والمقاصد مختلفة، ويمكن الاتفاق معه على القول بأن ميول المرحوم التعليمية موجودة في أعماقه، ولكن التعليم التقدمي لم يظهر عملياً، إلّا متأخراً، كما شرحه هو أنفاً.

والأمر الثاني الذي لا أتفق مع السيد المحاضر في توصيفه للثورة الدستورية بـ «الانقلاب»، وهو في رأيي توصيف مجحف بحقّها؛ لأن الثورة لم تقم إلّا بعد الاتفاق على «الميثاق مقدس» الذي نظّم أمور المستقبل بكلّ وضوح، وهل بعد ذلك الميثاق – بمحتوياته المتقدّمة – من ثورة؟