Alessio Agostini

ترجمة: محمد عبطوش

الصلات القديمة بين العراق واليمن (ما لذي تقول الآثار اليمنية عن بلاد الرافدين؟)

يستنطق مقال الدكتور (Alessio Agostini) الآثار اليمنية في ما تحكيه عن بلاد الرافدين، ليكشف بذلك ملامح العلاقات بين حضارتين من أروع الحضارات القديمة، وركز على الحديث عن العصر الآشوري، والنقوش والآثار اليمنية التي تتحدث عن بلاد الرافدين، مبينًا طبيعة الصلة والتواصل بين الحضارتين.

من المعلوم أن البحث عن الكتب في الخزائن الخاصة، هو كشف لحضارة عقلية أسهمت في تمدن اليمن، ولا يقل أهمية عن التنقيب في الآثار القديمة لما قبل الإسلام؛ لأن إحياء ذلك التراث المدفون يصل الحاضر بالماضي المتمدن، أو قل الحضاري، ويعيد تركيب الجسور المتحطمة، فيصبح التلاقي سهلًًا، ويصبح التزود بما عند الماضي من روائع الإبداع رافدًا يستفيد منه الحاضر، ويتزود بمدد مثمر ومنتج.

وعليه، فترجمة الأستاذ الباحث محمد عطبوش لمقال الدكتور (Alessio Agostini) ينسرب في ذلك السياق؛ لأنه بما استنطق من الآثار اليمنية عن بلاد الرافدين – والعكس صحيح – لهو من الأهمية لكشف طريق العلاقات بين حضارتين من أروع الحضارات القديمة، والتي أثبتت أن تلاقي الحضارات يتجاوز الحدود والسدود.

ونظرة واحدة إلى عنوان المقال: «الصِّلات القديمة بين العراق واليمن؛  ما الذي تقول الآثار اليمنية عن بلاد الرافدين»؛ يرتد البصر وهو بهيج لمعرفة ما كان بين حضارتين باذختين من صلات حتى أخذ بعضهما من بعض.

وقد ركز المقال على ثلاثة أمور: عن العصر الآشوري في العراق. ونقوش وآثار يمنية تتحدث عن بلاد الرافدين. ثم عن طبيعة الصلة والتواصل بين الحضارتين في اليمن والعراق.

وحول هذه النقاط سار البحث في سهولة ويسر، بخاصة وقد احتوى هذا المقال على فوائد «غالبًا ما يتم تهميشها بالنظر لما تتمتع به جنوب الجزيرة من استقلالية ومحافظة إلى حد كبير». ومن ثم هدفت «هذه الدراسة إلى إعادة تصوّر جزء من السيناريو الأساسي بمعونة المصادر التاريخية، التي توثق الصلات المباشرة مع بلاد الرافدين، بمسار مزدوج، خارجي وداخلي».

ومن خلال ما رجع إليه المؤلف من مصادر بحثه، أجد أنه قد أولى بحثه كل شروط البحث العلمي، فهو قد رجع إلى «المصادر الآشورية الحديثة المعروفة لدينا؛ لأنها تسجل الصلات الأولى بين بلاد الرافدين، وتفوّق السبئيين المتصاعد في الركن الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية، حوالي القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد. لقد تركَ الحكّام السبئيون الأوائل نقوشَ حَوليّات دقيقة للغاية، تشير إلى قطعهم شوطًا في الأيديولوجية السياسية والنضج والتعقيد، الذي يعلنون عنه بكتابات معروضة علنًا، وهي ميزة مشتركة أيضًا مع مناطق أخرى من الشرق الأدنى القديم، كانت خاضعة حينئذ للنفوذ الآشوري. وثانيًا، فإننا نستفيد من التوثيق الكتابي الداخلي للجنوب العربي، للتمييز بين الصلات المختلفة بين الممالك الجنوبية من جهة، ومناطق بلاد الشام وبلاد الرافدين من جهة أخرى، والتي يبدو أنها كانت صلات مدفوعة أساسًا بالعلاقات التجارية».

وليس في وسع (المسار) إلا أن تشكر الكاتب والمترجم على ما قدما من جهد ينفع الناس.