أعتقد أن من الأفضل لنا بعد الأبحاث العلمية الجافة، أن نتفيأ ظلال واحة «الأميرة زيدان»، لنلتقط فيها أنفاسنا من تعب الأبحاث المضنية، وننفض عنا – مؤقتاً – غبار التراب المهجور.
في ظلال هذه الواحة قدمت لنا مضيفتنا الكريمة الآنسة الباحثة «أميرة زيدان»، وجبة فنية شهية من صنع يديها سمتها «المتخيل الزمني في الرواية التاريخية.. رواية ظلمة يائيل أنموذجاً»، ضمنتها صنوفاً من وجبات أخرى متنوعة.
تبدأ الكاتبة بتعريف المقال بالقول إن الرواية تناولت «مرحلة مهمة من تاريخ اليمن، في فترة 435-461هـ، وهو تاريخ الدولة الصليحية في اليمن، والتي تتبع الدولة الفاطمية في مصر، إبان حكم الملك علي بن محمد الصليحي، جاءت أحداثها موزعة على ثلاثة أجزاء رئيسية، تشير إلى جوانب متعددة (البعد الفكري، العقلي، النفسي)، تتعدد الشخصيات، منها: الشخصية الرئيسة في الرواية «جوذر»، التي ينتابها صراع في سبيل البحث عن الحقيقة، وهذا يمثل البعد العقائدي، وعملية التأمل بين عقائد وديانات اليهودية/ الإسلامية، كما ظهر الصراع بين الأئمة، وتعددهم في محاولة السيطرة على صنعاء. وإن كان ظاهر الرواية يوحي إلى جانب اجتماعي، إلا أن فيها جوانب سياسية ارتبطت بالحكام والولاة. والمعلم «صعصعة» كان إحدى الشخصيات المحركة للأحداث، وأسهم في تطويرها، حيث كان «جوذر» يعمل لديه، ويمارس نشاطه بين النسخ والنقش، وبسبب هذا العمل دخل -ما سماه الروائي- «ظلمة هللا». فهناك زمنان متعالقان؛ أحدها ما هو ظاهر في المتن، حيث يتحدث عن النسخ والمخطوطة، والآخر ما جاء على لسان الشخصية من سرده لأحداث كانت ظاهرة في هامش الرواية، وطريقة حفظ المخطوطة من عدمه، من خلال طريقة الحفظ في دار المخطوطات، وعدم الاهتمام بها، وعادة تسمى هذه الطريقة «اللكي داخل الحكي»، أي أن أحداث الرواية جاءت على مستويين: الحكاية الرئيسية في متن الرواية، والحكاية الفرعية التي تعتمد على توظيف جزئي للمخطوطة، وتجري الأحداث على لسان الشخصية الرئيسة جوذر».
مدخل ممتاز يفتح الشهية لقراءة المقال الذي احتوى على عدة صنوف جيدة: «مقدمة. أنواع الزمن في المتخيل السردي – الزمن بين الخطاب التاريخي والخطاب الروائي. الزمن النفسي. الزمن الروائي. المتخيل الاسترجاعي الخارجي. المتخيل الاسترجاعي الداخلي. المتخيل الاستباقي. المتخيل الاستباقي كتمهيد».