قدم الدكتور «زيد بن علي الفضيل» دراسة عن «بنية الخطاب الطائفي في اليمن الجمهوري»، قائمة على مداميك موثقة، وقد يختلف الناس حول ما أورده - وهذه طبيعة الأبحاث الجادة والجديدة - لكن هذا هو ما يجب على كل باحث، أن يعالج قضية حسّاسة وسامة بوضوح وجرأة بُغية تشخيصها، ثم معالجتها، ولا يمكن معالجتها بدون الإقرار بها وتشخيصها، ثم إزالة أضرارها، أما إبقائها مطوية على جراحها فاحتفاظ بالمرض القاتل يواصل مهمته الهدامة.

فإذا عدنا من الأفق الإسلامي الغائم، إلى الأفق المحلي المُثقل بهواجسه الضارة، نجد أن “اليمن الحديث” قد امتص من طعم التمذهب المتطرف كمية كافية، ليغرق في مستنقعاته الآسنة، وفي ذلك السياق يأتي مقال الدكتور زيد الفضيل عن «بنية الخطاب الطائفي في اليمن الجمهوري».

علماً بأن ما أسميه بـ “التمذهبية” يسميه الدكتور بـ “الطائفية”، ولعل الدكتور أراد أن يتحدث بمصطلح يتداوله الناس ليفهموا ما يريده مباشرة، والبلاغة: مطابقة مقتضى الحال. وقد اعتاد المثقفون اليمنيون استخدام الطائفية بدلا من المذهبية.

قدم دكتورنا الواثق والمُوثِّق بحثاً جريئاً صريحاً قائماً على مداميك موثقة، وقد يختلف الناس حول ما أورده – وهذه طبيعة الأبحاث الجادة والجديدة – لكن هذا هو ما يجب على كل باحث أن يعالج قضية حسّاسة وسامة بوضوح وجرأة بُغية تشخيصها، ثم معالجتها، ولا يمكن معالجتها بدون الإقرار بها وتشخيصها، ثم إزالة أضرارها، أما إبقائها مطوية على جراحها فاحتفاظ بالمرض القاتل يواصل مهمته الهدامة.

 قد يجد المخالف وجهة نظر أخرى، و«المسار» على استعداد لنشره؛ لأن ما قصده الدكتور هو طرح هذه المعضلة للنقاش ولا يستهدف غيرها، وقد حدد هدف بحثه بقوله: «لا أستهدف من هذه الورقة تكريس أي منحى عنصري أو طائفي، بقدر ما أريد تسليط الضوء على جانب من إشكال اليمن السياسي خلال المرحلة المعاشة، مع الإيمان بأن النظام الجمهوري بصيغته المدنية الديمقراطية العادلة الذي يكفل  الحقوق هو الخيار، ويحقق السلام المجتمعي، وفق معيار الكفاءة العلمية والجدارة الوظيفية الأمثل لبناء وطن يعيش في كنفه الجميع بأمن وأمان».

وعليه فالدكتور قد عالج بصدق وإخلاص قضية تزداد تجذراً، إن لم تعالج فسيكون وقودها – وقد بدأ – جثثا وهامات.