نعرج الآن إلى طراوة بحث ممتع، قدمته الأستاذة «عُلا الحوثي»، مقالاً واسعاً عن «تقنية السرد في الخطاب الشعري عند إسماعيل المقري». والحق أنها ألمت بموضوعها في سرد وصفي جميل.. حيث عرّفت الكاتبة السرد تعريفاً لغوياً بقولها: «فلان يسرد الحديث سرداً إذا كان جيد السياق به، وإن دلالة مصطلح السرد في الممارسة النقدية الحديثة لم تبتعد عن دلالته في المعاجم اللغوية، وإن مفهوم السرد يشمل أجناساً أدبية وغير أدبية».
وعلى ضوء هذه التعاريف، مضت الكاتبة في معالجة تقنية السرد عند الشاعر المقري، بما يقتضيه المصطلح من معنى، وهي ترى أن «تجليات السرد في التراث العربي قديمة، وقد تحققت صور شتى للسرد في التراث العربي المنجز، على الرغم من أنه مفهوم حديث، وقد اكتسب الخطاب الشعري أبعاداً جديدة، واستطاع الشاعر أن يجسد موقفه من واقعه المعيش ورؤيته له، فانفتح الخطاب الشعري على الفنون الأخرى، واتكأ الشاعر العربي القديم على الحكاية، واستخدم شيئاً من معطيات السرد، وقدم مشاهد وأحداثاً قصصية في عشرات من القصائد العربية، وأن قصائد المقري (تضمَّنت) التقنيات السردية المختلفة، ما أمكن الشاعر التعبير عن رؤاه بطرق متعددة، أتاحت لـه هذه التقنيات السردية طرقاً مختلفة في التعبير، وفتحت للمتلقي آفاقاً واسعة لقراءة خطابه الشعري من خلال ما حمله الخطاب الشعري من نظام قصصي صاغه الشاعر/ السارد بأبعاد دلالية مختلفة تثير انفعالات ومشاعر المتلقي». وتعرضت في بحثها القيم إلى تقنية الحوار الخارجي (الديالوج) وإلى تقنية الحوار الداخلي (المونولوج)، فطرحت توصيفاً جديداً.