إن الوقوف أمام هذه البوابة في حدّ ذاته بمثابة قرع الباب للدخول إلى دراسة الثورة الدستورية دراسة موضوعية؛ لأن في دراسة التاريخ – والثورة الدستورية قد أصبحت تاريخاً – تفكيكٌ لشفرة قضايا الحاضر كما يقول الدكتور المحاضر بحق، وإنها لدعوة حقيقية وضرورية لفهم ما يجري اليوم، إذ أنه بدون معرفة الماضي لا يمكن معرفة الحاضر؛ لأن جذور الحاضر مغروسة في الماضي، ولا انفكاك بينهما.
لعل من أهم ما جاء به السيد الدكتور المحاضر هو الإشارة إلى «أن الأهداف التي رفعتها النخبة المستنيرة من أحرار ثورة الدستور ما تزال في أغلبها هي الأهداف التي تطالب بها النخب السياسية اليوم رغم مرور ما يقارب من سبعين عاماً، وهو أمر يكشف عن عدم إفادة الأنظمة السياسية التي تعاقبت على الحكم في اليمن من تراكم التجربة الثورية وصولاً إلى إنجاز بناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة، دولة الدستور، والنظام والقانون، والتبادل السلمي للسلطة». وأشار بحقّ إلى «أن الثورة الدستورية من أكثر الأحداث التاريخية التي يشوبها كثير من اللبس والغموض، في تاريخنا المعاصر» كما أشار إلى نقطة هامة وهي أنه «إذا كان هذا هو الحال مع الثورة الدستورية وما يحيط بها من أحداث وملابسات، بالنسبة لمعاصري رجال الثورة الدستورية، فإن حال جيلنا والأجيال اللاحقة لا شك أنه سيكون أكثر سوءاً»، كما أشار إلى ضرورة «الكشف عن حقائق ثورة الدستور، وإماطة اللثام عن أسرارها، وإنصاف رجالاتها» وأن ذلك «يحتاج إلى تضافر جهود علمية محضة لا يمكن بحال من الأحوال أن يقوم بها جهد فردي».
والحق أن هذه القضايا التي أشار اليها الدكتور المحاضر من أشد القضايا إلحاحاً للحديث عنها، لإزالة اللبس عنها.