أضاءت الثورة الدستورية يوم الثلاثاء 7 ربيع الثاني 1367هـ/17 فبراير 1948م ظلمات ليل سياسي مُعتم، وفي يوم الجمعة مساء 2 جمادى الأولى 1367ه/12 مارس 1948م انطفأ الشعاع بعد 24 يوماً. ولكن شفقه الغارب بقي يرسل أضواءه على نحو مّا، فبقي الشعور بالثورة يتفاعل معبّراً عن نفسه في تحركات وتمردات وانقلابات، ولكن الشيء الذي أُعيق هو العمل لـ«لدستور المدني»، وذلك بفعل سببين رئيسيين ذكرتهما في محاضرتي، حيث تعرضت للتشويه الواسع، حتى خفيت معالمها أو كادت. ولهذا رأى «مركز التراث والبحوث اليمني» أن يبدأ في دراسة الثورة الدستورية دراسة جديدة موضوعية، من أجل فهم أفضل لمفاهيمها ومبادئها وحقيقة أمرها، وعلى أساس هذه الفكرة رأى المركز أن يختار لذكرى الاحتفال بها عنواناً يشير إلى بداية البحث والتنقيب عنها، فكان العنوان: «في الطريق إلى فهم موضوعي للثورة الدستورية» كخطوة أولى تتبعها خطوات، في شكل ندوات ومحاضرات و مقالات، بُغية الوصول لإظهارها على ما كانت عليه، بواسطة أبحاث موضوعية علمية، لا على ما كتبه الهوى السياسي أو سجلته الحزبية أو صاغته المذهبية كما حصل مع الأسف، ومن هنا فحقٌ على كلّ باحث منصف أن يرفع عنها أواصر تلك التحليلات المتجنّية، وأن يكتب عنها وعن محتوياتها بقدر ما أمده الجهد.
هذه الاحتفالية إذن هي الخطوة الأولى في طريق طويل، ويأمل المركز والمنتدى أن يتمكن العام القادم من إقامة ندوة تتحدث عن كل جوانبها، أو معظم جوانبها، فهذه الاحتفالية تمثل مقدمة مختصرة لـ «كتاب» يبدأ تأليفه في تلك الندوة الشاملة في ذكرى مرور 73 عاماً هجرياً/ 70 ميلادياً، بعد أن تمت كتابة المقدمة يوم الخميس 4 جمادى الأخرة 1438ه/ 5 مارس 2017م.
ومما لا شك فيه أن التعتيم على الثورة الدستورية قد استمر يواصل أستاره لأسباب كثيرة، ومع أنها تمكنت رغم الظلام الحاجب، ورغم المكائد الساترة، والأساليب المانعة من أن تفتح لشعاعها -وسط معاناة مرهقة – مسارب توسعت خطوة خطوة، إلاّ أن المحافظة على سماتها وخصائها وسط هجمات تضليلية واسعة- قد أعاق خطاها ورسالتها الدستورية بوجه خاص، وقد تولّت محاضرتي عنها حسب الجهد الكشف عن تلك العوائق بشكل تفصيلي نوعاً مّا.
إضافة إلى ما قلته في المحاضرة أريد هنا أن أضيف باختصار بعض الإعاقات التي حالت دون فهم وتفهّم الثورة الدستورية بغية تنقية الطريق إلى الوصول اليها، وقد أشرت في المحاضرة إلى أن من أشدّ الأضرار التي أُنزلت بها هي جملة تسميات سُميِّت بها قهراً، وتجرعتها مرّاً، كتسميتها «ثورة بني الوزير» و «ثورة الأسر» و «ثورة صراع الأئمة» الخ، ولو تتبعنا مصبّ هذه التسميات لوجدناها تنبع من حقل عرقي، أو مذهبي حاولا أن يفقداها مبرر وجودها، وحقيقية أمرها، وصحة تسميتها، ولو تخلّصنا من الهياج السياسي الذي أعقبها لوجدنا حتماً أن الثورة الدستورية من كلّ تلك التسميات براء؛ فليست ثورة أسر، ولا ثورة مذهب، ولا ثورة منطقة، وإنما هي ثورة فكر يتجدد على فقه سياسي يبلي، إنها استجابة حنين لدستور يرعى الحقوق، ويصون الواجبات، عبرت عنها صنعاء و تعز و حَيْس و الحديدة وغيرها، كما عبر عنه من في القاهرة و الحبشة و نيروبي و السودان و عدن و حضرموت و بريطانيا وفي كلّ وطن سكنه يمنيون على مختلف أشكالهم وألوانهم، فقيرهم وغنيّهم وعالمهم ومثقفهم. أنها أفق أمة جديدة، مكتوب على حواشيه الدستور، فما أغبي من حمّلها غير أسمها، وما أفظع من دعاها بغير أصلها.
ومن العوائق الحائلة تلك الطريقة التي اعتمدها كاتبوا المذكرات، ممن انتمى الى «حزب الأحرار» حيث اختزلوا عمل المعارضين الأخرين في هذا الحزب، مع أنه أنشئ متأخراً عن معارضات سابقة أو مستقلة، فهذا الحزب كما هو معروف أسس عام1363ه/1944م وتلك المذكرات وتلك المقالات تتحدث عنه، وكأنه الأصل والمنبع، وما سبقه من تاريخ طويل، إما تمّ التجاوز عنه، أو ضُم إليه، وأُلحق به، مع العلم أن تحركات «المحلوي» و«المطاع»، و«العزب» وغيرهم، كانت سابقة بزمن، وكذلك «حركة العلماء والقادة» في الداخل، ومثلها حركة المسمري وزبارة وعبد الله بن علي الوزير في القاهرة، ولا ينقص من نضال حزب الأحرار الذي أنشأه الأساتذة: نعمان والزبيري والشامي والموشكي وغيرهم أنه نشأ متأخراً، ويكفيه فخراً أنه بالفعل أول حزب سياسي- بينما المعارضات الأخرى شكلت تيارات بارزة – وأنه كان صوتاً إعلامياً جهيراً.
أما لماذا تأخر فقد كان زعيماه الأستاذ نعمان أولاً ثم الأستاذ الزبيري تالياً، والموشكي و الشامي قد خُدعوا بشخصية «ولي العهد» ولم ييأسوا منه الّا في هذا العام، أو بتعبير الزبيري «عندما بلغ لديهم وقتها اليقين الثوري»، صحيح أنه كان للزبيري ونعمان نشاط مع «مجموعة القاهرة» على نحوٍ ما فصله المرحوم يحيى زبارة في مذكراته[1]، إلا أن الأستاذ نعمان – وهو في القاهرة – كان يرى أن التغيير على يد ولي العهد أجدى[2]، وكان الزبيري مع عبد الله بن علي الوزير و المسمري ويحيى زبارة يومنون بتغيير النظام نفسه، وكان الزبيري معهم – في البداية – على هذا الرأي، إلا أنه بعد عودته من القاهرة وبعد سجنه في «الأهنوم» رأى في ولي العهد رجل الخلاص، فانضم الى الأستاذ نعمان، ورأى الزبيري في ولي العهد بطلاً أسطورياً يمكن أن تتحقق على يديه أهداف الشعب الوطنية[3] «وقد وجدنا في هذا الرجل العجيب فعلاً ما يخدع وما يغض وما يُذهل، وتعاظمت في نظرنا ظواهر تصرفاته ومطامع شخصيته وألغاز تصريحاته الرمزية التي توحي بالتذمّر من رجعية أبيه وفساد حكمه»[4] وبقي على هذا المنوال حتى ظهرت من ولي العهد نبرة تهديد للعصريين بسبب ملابسة أراد بها قوماً، فظن هؤلاء أنهم المقصودون، ففرّوا إلي عدن[5]، ومع ذلك يلاحظ أن «صوت اليمن» -الناطقة باسم حزب الأحرار – لم تكن تهدف إلى تغيير الحكم من خارجه؛ بل إلى إصلاحه من داخله، ولكن معظم علماء الداخل وجهود الدستوريين في صنعاء والقاهرة كانت ترى عكس ذلك.
على سبيل المثال ثمّة تيارات معارضة قوية هزّت نظام الحكم وقررت مصيره، وأذكر هنا – كمثال – جهد الأمير علي الوزير في هذا السبيل، فقد وصل عام 1352ه/ 1933 – قبل أن يؤسس حزب الأحرار – إلى القناعة بضرورة الخروج على الإمام، بعد أن ظل من عام 1342ه/1923ه يحاول الإصلاح ما استطاع إليه سبيلاً، ويمكن تسجيل وصول قناعته بالخروج على النظام بستة عشر عاماً من قيام الثورة الدستورية – كما قال مؤلف سيرته – إذ ذكر أنه وصل إلى القناعة بـالخروج عام 1352ه/ 1933م[6]، وقد قلت في مقدمة كتاب (زورق الحلوى) ما يلي: «لقد وصل [الأمير] عام 1352ه/1933م إلى قناعة تامة بضرورة الخروج على الإمام يحيى بسبب انحرافات جائرة حدثت منه، في وقت لم يكن قد ظهر على السطح أحد لا الشهيد الزبيري ولا الأستاذ المرحوم أحمد محمد نعمان»[7]
ويذكر الزبيري نفسه في كتاب (ثورة 1948م) أن الأمير عام1357ه/1938م – وكان هو شاهد عيان إذ كان موجوداً معه في تعز ومكة في ذلك العام – قرر: «أن يبقى في الخارج وأن يحمل راية النضال ضد آل حميد الدين، وبدأ رحلته إلى الحج، وقبل أن يغادر اليمن أرسل برقيات شديدة الى الإمام يحيى يحمل فيها على ابنه أحمد حملات جريئة، ورأينا السيد علي بن عبد الله الوزير في مكة بطلاً مغواراً، يتحفز لإثارة المشكلة اليمنية من أساسها»[8].
ومما يحسن بالمؤرخين التركيز عليه، وإعطائه حقه من البحث أيضاً، تفهّم ظهور مصطلح تردد لدى كلّ من كتب مذكرات، أو مقالات عن «قصة الثورة الدستورية» ممن بقي من رجالها، يمكن تسميته بـ «مصطلح الاختزال» حيث يختزل الكاتب كل الحركات المعارضة في الداخل وفي الخارج، في شخصه، أو في حزبه وتصبح كلمات: نحن فعلنا، نحن قمنا، نحن أقنعنا، نحن اخترنا، نحن سمّينا الخ.. ادعاءً عريضاً، وأهم من ذلك كونه عامل ضياع للمصدر، وسلب لجهد الآخر، وهي ظاهرة تسمى «تكبير الحجم الذاتي» في حين أن دور الكثيرين منهم – عند المتتبع – كان ثانوياً، ولم يكونوا يعلمون يقيناً بما يجري في الصفوف الأولى، إلّا عندما يقرر القادة ضخ ما يرغبون في نشره، وقد ساقهم تكبير الأحجام إلى تجاهل دور الأخر، وعندما لا يتحدثون عن أدوار للأخرين فهم إما يجهلونها أو يتجاهلونها، وفي كلا الحالتين هم يشاركون في إخفاء المعالم أو تشويهها، وبالإضافة إلى ذلك فهم إذاً شاركوا في عملٍ مّا لم يوافق المناخ السياسي السائد، فهم يتجاهلونه ويحاولون الابتعاد عنه، وتخذلهم شجاعتهم فلا يستطيعون نطقاً، وهذا التجاهل يلمس في كلّ المذكرات باستثناء «رياح التغيير» و«مذكرات نعمان»[9].
إن تكبير الحجم بهذا الشكل يحسب في علم النفس عقدة شعور بالنقص نتيجة افتقار صاحبه إلى المعلومات أو تعالٍ عنها أو تجاوزها؛ لأن الأمر يقيناً لا يتمثل في دور «نحن»، وإنما أيضاً في دور «هم»، وقد بقيت – كتاريخ مؤقت – «نحن» وضاعت «هم»، وكما هو معلوم وكما أشرنا، فهناك معارضة المثقفين السابقين: المطاع والعزب والمحلوي الخ، وهناك حركة العلماء الزيود الأقوى نفوذاً وتحركاً وتنفيذاً، والمتمثلة في علي بن عبد الله الوزير وقاسم العزي وغيرهم من القائلين بالخروج على الظالم، وكان بعض كبار العلماء وعلى رأسهم زيد الديلمي – رئيس الاستئناف – و عبد الله بن إبراهيم – الرئيس الثاني للاستئناف – وغيرهم قد تقدّموا بنصيحة شديدة اللهجة إلى الإمام[10] وهناك أخيراً حزب الأحرار نعمان والزبيري، وهناك مستقلون زيد الموشكي وأحمد الشامي ومطيع دماج وعبد الله أبو راس[11]، ولذلك فقول المرحوم عبد السلام صبرة مثلاً عن الأمير علي بن عبد الله الوزير إنه « قد برهن على ذلك من تعاونه مع حركة الأحرار بعد ذلك، حيث تولى هو والسيد حسين الكبسي مهمة إقناع عبد الله الوزير بالانضمام إلى الحركة». يقصد: حركة الأحرار، فهو قول يفتقر إلى الدقة، فـ «حركة الأحرار» متأخرة تاريخياً عن حركته هو و«حركة العلماء» و«حركة المثقفين» في الداخل، وقد يكون الأدق تعبيراً لو أنه قال: إنهما التقيا وتعاونا، أما أنهما انضما إلى الحركة، فقولٌ ينقصه الدقّة! ولعل العكس هو الصواب لو أنصفنا؛ فالمتأخر يلحق بالمتقدّم وليس العكس، وليس من شك أن حزب الأحرار قد كان الصوت الإعلامي القوي في الخارج، ولأنه الصوت الناطق والمعلن فقد استغل أو ظُن أنه كلّ حركات المعارضة[12].
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن مبدأ «الخروج» هو مبدأ زيدي، أما الشافعية فتحرم الخروج على الإمام الظالم، وربما كان هذا السبب وراء ظهور علماء الزيدية في الواجهة، وعدم ظهور علماء الشافعية أو الحنفية بنفس الحجم، وقد يستجلب المؤرخ هذا المبدأ الشافعي في عدم جواز الخروج على الإمام الظالم أنه كان خلف رؤية الأستاذ نعمان بالذات، فيما ذهب إليه في أن التصحيح من داخل الحكم هو الأجدى، وقد قال المرحوم الأستاذ نعمان – وهو في عدن قبيل الثورة الدستورية -: «وكانت وجهة نظري تتلخص بمحاولة الاتصال بالحاكمين وإقناعهم بأن الإصلاح على يدهم أيسر وأقرب» [13] وقال في فترة متقدمة: «كنت أعتقد أنه لا يجوز لي أن أخرج على الإمام بأيّة حال من الأحوال»[14] و قال إن عقيدة الشافعية أنه «لا ينبغي أن يعترض عليهم أحد، وحتى الخروج عليهم غير جائز:
ولم يجز في غير محض الكفر خروجنا على ولي الأمر
ويخرج المسلم عن طاعة أميره إلا إذا كفر كفراً صريحاً»[15]. ولعل هذه الموقف يفسر لنا اندفاع «المثقف الشافعي» بكثرة في حركة الدستور عوضاً عن علمائه.
قد لا يخطئ من يقول: إن علماء الزيدية هم من أقرّ الميثاق ولو لم يقرّوه لما كان هناك ميثاق، بسبب أنهم القوة التي تملك التنفيذ، والذي وضعه هو العلامة السيد الفضيل، ويؤكد هذا قول المرحوم الأستاذ نعمان «صاغ الميثاق الوطني المقدس الفصيل الورتلاني وتدارسه مع السيد عبد الله بن أحمد الوزير وبعض الأخوة في صنعاء والقاهرة مثل الشيخ محمد صالح المسمري وأحمد الحورش ومحي الدين العنسي»[16]. وفي القاهرة ناقش «الميثاق» كل من العلامة المسمري ويحيى زيارة وفي صنعاء أبرزهم علامة اليمن حسين الكبسي وعبد الله بن علي الوزير والمطاع وجمال جميل والموشكي والشامي -ناسخ الميثاق بقلمه – وبعد أن أقر الميثاق أُرسل إلى عدن إلى الأستاذ نعمان والزبيري، وقد حرص الأستاذ نعمان على ألا يطلع عليه الزبيري حتى لا يفشيه بحسن نيّته بين الناس، «وقد دعاني الخادم غالب رحمه الله إلى منزله بمفردي، وأطلعني علي الميثاق[17] وعلى التعليمات بحصر الموضوع بيني وبينه وبين الأستاذ الزبيري فقلت له: من الرأي ألا يعرض الأن على الأستاذ الزبيري؛ لأنه لن يتمالك نفسه من الفرح بأن القوم جادون في الأمر بـصنعاء، وأنهم قد اتخذوا الترتيبات، وأعدّوا العدّة للقيام بحركة تطيح بالإمام يحيى ونظام حكمه ما داموا قد صاغوا هذا الميثاق وأعلنوا عن البديل وعن قيام حكم الشورى، وقلت للخادم أنا خبير بـالزبيري سيعتبر كتمان هذا الأمر عن بقية الاخوان خيانة وطنية وجريمة لا تغتفر، إنه طيب القلب، مسرفٌ في حسن الظن، سريع التصديق، وأنا أريد الاحتياط والحذر من أن ينتشر هذا لبشر، فتكون الطامة على الذين رُشِّحوا للحكم وصاغوا الميثاق وسجلت أسمائهم فيه لكن الخادم كان هو الأخر متزمّتاً يرى أن عدم إحاطة الزبيري خيانة للأمانة التي كلّف بها، وصمّم على اطلاعه»[18]. ومن هذا النص المهم أن الأمر كان بقيادة صنعاء حتى أن الأستاذ نعمان أحس من خلال التعيينات أن «السلطة كلّها بيد الزيدية»[19].
تلك إيماءات تاريخية فرضها البحث عن الجوانب الغائمة في الثورة الدستورية وهي بحاجة إلى دراسة متوسعة ومتعمقة لتجلو الغامض وتفكّ الملتبس، وهذه المحاضرات والمقالات هي بمثابة مقدمة لدراسة أشمل تقدم في الذكرى السبعين عاما على مرور الثورة الدستورية.
وبهذه المناسبة أرجو ممن يرغب في التعاون في هذه الأبحاث ليجلوها ويزيل غامضها أن يختار ما يريد من موضوع، وأن يبحث بكل حرية، ويذيع ما توصل إليه وما وجده سلباً وما تعرّف عليه إيجاباً، فالمطلوب هو هذا النوع من البحث، ونحن في «مركز التراث والبحوث» نحاول أن نضع مرادم الثورة الدستورية في مواضعها، حتى لا يبقى نتوء ظاهر ولا تجويف خفي.
وأخيراً أريد أن أقول: إن «مركز التراث والبحوث اليمني» و «منتدى اليمنيات» لما قرّرا إقامة هذه الاحتفالية فلكي يتمّ إبراز الثورة الدستورية على ماهي عليه لمعرفتها، وتقديم صورة حية خالصة لوجه التاريخ، لا دفاعاً عنها، ولا تقديراً لعملها، وإنما توصيفاً لحقيقة حالها، أنها ليست ملكاً لحزب واحد، ولا لقيادة واحدة، ولا هيئة واحدة، وإنما تضافر جهود متنوعة، اشترك فيها العلامة والمثقف والشيخ والنقيب والضابط الخ، ومن المؤكد ألا أحد يثبت ملكيتها، لأن مالكها الحقيقي هو التاريخ.
لقد قرأت محاضراتهم ومقالاتهم، فمن يقرأ محاضرتي ويبيّن لي عيوبي لأنشره في العدد القادم من «مجلة المسار» بكلّ ترحيب.