في بحث علمي يتناول الدكتور مجيب غلاب الحميدي: معوقات تطوير التعليم في الدول العربية، بتفاصيل. ومعلوم أن التعليم ليس فقط ضرورة للنهوض بأية أمة فحسب، بل إنه ما لم يأخذ مساره الطبيعي، فإن الأمة ستظل تتيه في توجهاتها. ونحن نعرف جميعًا أن الحضارة الإسلامية تفككت بسبب نظام التعليم الإجباري الذي فرضه السياسيون عليه. وما يزال الفرض قائمًا، ولكن من وراء حجاب. ولا توجد عبر التاريخ حضارة ليس لها لسان.
وفي هذا البحث، استعرض الدكتور مجيب وضع التعليم العام في الوطن العربي، ثم معوقات تطوير وإصلاح التعليم، وختمه بـ التحليل البيئي الرباعي للتعليم العام العربي، وفي توطئة بحثه ما سماه الاستراتيجيات، لتطوير التعليم، وقال”: “ورغم كل هذه المبادرات، فإن تقارير التنمية العربية تؤكد أن التعليم العام العربي يعاني من تدهور نوعي في مخرجات التعليم، رغم التحسن الجزئي في بعض المؤشرات الكمية المتعلقة بنسبة النفاذ إلى التعليم الأساسي. وفي ضوء هذه المؤشرات تهدف هذه الورقة إلى تسليط الضوء على معوقات تطوير التعليم العربي، وتحليل البيئة الداخلية والخارجية باستكشاف نقاط القوة والضعف، وأهم الفرص والتحديات. ونستهل هذه الورقة بالتعرف على مفهوم التعليم العام وواقعه في الوطن العربي، والعوامل المؤثرة فيه”.
ثم تحدث عن مفهوم التعليم العام الشامل للتعليم العام أو العمومي يشمل التعلم الإلزامي باعتبار ذلك “حقًا من حقوق الإنسان، وتعريف التعليم العمومي الأساسي العام الذي تأخذ به التعريفات الدولية التي تلزم بضرورة التعليم المجاني، لكن الدراسات والتقارير الإقليمية والدولية تسجل تعثر مشاريع التطوير التربوية في الكثير من الدول العربية، وتباطؤها في دول أخرى”.
ثم تحدث عن معوقات تطوير وإصلاح التعليم العام العربي، فأعادها إلى المعوقات السياسية والقانونية، والمعوقات العلمية والعملياتية، والمعوقات الاجتماعية والبيئية، والمعوقات الاقتصادية والتقنية، والمعوقات الإدارية والمؤسساتية.
وخلص البحث إلى حقيقة أليمة، وهي أن الأقطار العربية في أغلبها لم تأخذ تحديات القرن الحادي والعشرين على محمل الجد، ولم يعترف أغلب صانعي القرار فيها بأن التعليم يمثّل الخطّ الأمامي في مواجهة التحديات المستقبلية.
وعن التحليل البيئي الرباعي للتعليم العربي، اعتمد الباحث على تقرير واقع التعليم العام في الوطن العربي، الصادر عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وبعد غربلته له لخص نقاط الضعف فيه في 10 نقاط، ثم وضع 7 شروط، أو كما سماها فرصًا للخروج من نقاط الضعف، ثم تحدث عن أهم التحديات في 5 نقاط، لينتهي إلى الخلاصة التي لخص فيها رأيه، والتي سندها عناك. على أني أريد أن أقول إن من أسباب إعاقة التعليم في العالم العربي، هو هيمنة الدول عن المنظمات العربية للتربية والثقافة والعلوم، وبخاصة بعد الانقلابات العسكرية واستمرارية الحكم الفردي.
فالمناهج العربية هي مِن صُنع الدول العربية، وحتى تلك التي تسمى المدارس أو المعاهد الخاصة، فهي لا تخرج من هيمنتها، بل من قبضتها، لأنها مهتمة فقط بهيمنتها وإبقاء قوتها، وكما قال الشاعر اليمني الصوفي الكبير عبد الرحمن البرعي (830ه/1427م): وهل يستقيم الظل والعود أعوج. لقد كانت البداية في ظل الديمقراطية التي عرفتها الدول العربية عقب انتهاء الاحتلال، تتوجه علميًا وأدبيًا ملكيات وجمهوريات بحسب القواعد العلمية، بالرغم من وضع عصى المحتل في عجلة النهضة، ولكن بعد الانقلابات العسكرية وشمول الفردية متمثلة في حكام العرب، ارتكست المناهج، وعادت كما كانت في خدمة الحاكم، والفارق بواضح بين نهضة مصر وسوريا والعراق قبل الانقلابات العسكرية وبعدها.