أيت بعزيز عبد النور

نجل الفضيل الورتالاني (مسعود حسنين) مسيرة حياة

كتب الدكتور: «أيت بعزيز عبد النور»، عن نجل الفضيل الورتلاني، المرحوم مسعود حسنين، فأورد نبذة عن حياة الفقيد ومراسلاته، ونشاطه الإصلاحي، وجهوده في مجال جمع تراث والده، وتطرق الى التعريف بكوكبة من علماء الجزائر كانوا شيوخًا للمرحوم مسعود، ومن ثم تزداد سعة تعرف اليمنيين على الحركة العلمية في الجزائر.

وأعود من الماضي البعيد إلى الحاضر القريب، ومن اليمن إلى الجزائر، لأسلم على الدكتور الباحث «أيت بعزيز عبد النور»، وأثني على ما كتبه عن نجل الفضيل الورتلاني، المرحوم مسعود حسنين، فما كتبه عنه، حديث عالم محقق.

أول ما لفت نظري -وليس على الله بمستنكر- شجرة المجاهد الكبير السيد «الفضيل» رضوان الله وسلامه عليه وعلى آله، لم تجف أوراقها، بل ظلت يانعة مزهرة تحمل فوحها من بعده، في شخص نجله العلامة المصلح مسعود حسنين رحمه الله، ويأتي دكتور محقق ووفي فينشرها بين الناس، فتستروح بها قلوب قوم مؤمنين.

تناول د. “أيت” في مقاله نبذة عن حياة الفقيد: مراسلاته، ونشاطه الإصلاحي، وجهوده في مجال جمع تراث والده، وللدكتور “أيت” نشاط ملحوظ في تتبع حركة الإصلاح المعاصرة وأعلام الفكر والثقافة في سائر بلاد “المغرب”. وفي هذا المساق نشرت له “المسار” أبحاثًا مفيدة أخص منها ما كتبه عن السيد “الفضيل الورتلاني”، والآن عن ابنه الوحيد الذي خلفه فأحسن خلافته. نور الله ضريحيهما.

ومن المقادير الأهلية أن تكون وفاة المصلح “مسعود الورتلاني” متزامنة مع الذكرى الستين لوفاة والده “الفضيل الورتلاني”، في 12 مارس/ آذار، ومع شهر الشهداء في الجزائر، أولئك الذين قضوا نحبهم في هذا الشهر خلال حرب التحرير الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي.

وفي هذا المقال، وإلى جانب حديثه عن السيد “مسعود حسنين”، سيتعرف قراء “المسار” على كوكبة من علماء الجزائر كانوا شيوخًا للمرحوم مسعود، ومن ثم تزداد سعة تعرف اليمنيين على الحركة العلمية في “الجزائر”، وتحث على البحث عنهم والاطلاع على ما لديهم، وبهذه الطريقة -ولعلها من أنجع الوسائل- يتم التواصل، ويتلاقى المتباعد، وتعود لحمة الفكر إلى سابق عهدها بعد انقطاع طويل.

ومن خلال هذا المقال تطالعني صورة الدراسة والتدريس في الجزائر بما لاتزال عليه حالة الدراسة والتدريس في اليمن، ومن يقرأ مذكرات الجواهري عن دراسته في العراق، يرى نفس التشابه مشتبهة، ولما زرت “إيران” قبل الثورة الإسلامية، وزرت بعض مدارس الحلقات العلمية، تشبه نفس الحالة في الجزائر واليمن والعراق وإيران، مما يؤكد وحدة الأمة مع تنوع في الإنتاج، وقد كان لهذه الطريقة ولهذا الرابط الأثر البليغ في مقاومة الاحتلال الأوروبي في كل من الجزائر والعراق وإيران، ومقاومة التخلف في الدول التي لم يصبها الاحتلال كاليمن التي أنتجت الثورة الدستورية الشهيرة. وليس من شك أن لتدريس المساجد أثرًا كبيرًا في حماية الإسلام من كل مغير ومن كل تخلف إذا استثنينا علماء القصور الحاكمة ممن يطلق عليهم فقهاء السلطة أو وعاظ السلاطين.

بسط الدكتور “عبد النور” حياة المجاهد “مسعود”، فأحسن، وأحاط بها، فأبدع، وعرض لنا صورة عن الظروف التي عاشها الولد، في ظل تشرد الوالد، والتعطف الذي لقيه من المصلحين الكبيرين “البشير الإبراهيمي” و”ابن باديس”، وأمثالهما كثيرون ذكرهم الدكتور في مقاله أو بحثه.

وما يثير الأسى أن الولد فارق والده منذ وقت مبكر بسبب مطاردة الاحتلال الفرنسي لأبيه، وفراره من الجزائر مجاهدًا في سبيل الإسلام، وكان آخر لقاء بينهما يعود إلى يوليو 1936، وهو ما جعل ابنه مسعود ينشأ ويتربى يتيمًا فاقدًا حنان الأبوة أولًا والأمومة ثانيًا، كما أن جده من أمه “السعيد وزير”، الذي تكفّل بتربيته وتنشئته وتعليمه، كان تاجرًا وميسور الحال، وصدق فيه قوله تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح : 5].

ومن أهم ما أورده، تلك الرسائل التي أتى على ذكرها، والتي شكلت توثيقًا لطبيعة المرحلة الجزائرية. وعند دراستي لها ظننت أني أقرأ رسائل يمنية، مع اختلاف المحتويات، مما يؤكد من جديد وحدة الفكرة والأسلوب في الثقافة الإسلامية التي أرجو أن تعود إلى ما كانت عليه. ومثل هذه الأبحاث تشكل رافدًا من الروافد في النهر الكبير.

وفي وسعي -أخيرًا- أن أقول إن الدكتور “أيت” تمكن من إعطاء صورة واضحة في بحثه هذا، عن المرحوم، وعن المناخ الذي عاش فيه، بالرغم من أن المجال واسع عريض، إلا أنه -والحق يقال- تمكن بعبارات دقيقة مليئة، من رسم صورة واضحة الألوان والخطوط.

فسلامًا على “الفضيل” و”مسعود”، وحفظاً لـ”أيت بعزيز”.