بعد أن نشرت مجلة “المسار” من «وثائق الخارجية البريطانية عن اليمن» أخبار ستة أعوام طوال، تتحدث الوثائق في هذا العدد عن الفترة الممتدة بين إبريل ويونيو من عام 1907م، أي من 2 صفر 1325هـ إلى 15 جمادى الأولى 1325هـ، أي أخبار ثلاثة أشهر فقط.
تحدّثت فيها الوثائق عن فردين من العوالق سبّبا مشكلة لسلطان لحج، كما تحدّثت عن صراع أمير الضالع مع قبيلته، وعن تزويد أمير العوالق بالذخيرة، وبطلب من الضابط السياسي في الضالع أن يرفع تقريرًا بأقصى سرعة، يحدد فيه التاريخ الذي يصبح فيه الانسحاب من الضالع ممكنًا. وبالنسبة لشمال اليمن، تحدّثت وثيقة عن أن الإمام يحيى يتّصل بسلطان العبدلي، وأن الباب العالي على وشك أن يرسل لجنة مؤلفة من كبار العلماء الدينيين لتحقيق تسوية بالوسائل السلمية، وهي التسوية التي فشل الأتراك حتى الآن في التوصل إليها عن طريق القوة المسلحة. وتشير معلومات الوثيقة إلى استئناف القتال بين الأتراك والعرب.
وبالعودة إلى جنوب اليمن المحتل، يبدو أن سيطرة أمير الضالع على الطريق محدودة وضعيفة، وجاء رأي الضابط «المقيم» في معالجة الأوضاع في «الضالع» و«الحوشبي» وغيرها من المناطق المحمية. وفي وثيقة أخرى، تحدّثت الوثائق عن تسيير أمور الحدود بعد الانسحاب.
وبالرجوع إلى الشمال، تحدّثت وثيقة عن شعور بالقلق والتململ قد ساد في المناطق الجبلية المحيطة بصنعاء خلال الأسابيع الستة الأخيرة، وأن الوالي، المارشال فيضي باشا، أرسل عدة برقيات مؤخرًا إلى القيادة العامة يطلب فيها أموالًا وقوات إضافية لحفظ النظام. كما تحدّثت وثيقة عن وصول سفينة النقل «سميرنا» إلى الحُديدة في الثاني والعشرين من الشهر الحالي، وأنزلت اللجنة الإمبراطورية التي أُرسلت للتحقيق في الشكاوى ومطالب العرب اليمنيين، ولترتيب عقد هدنة مع الإمام. وذُكرت أسماء كبار الواصلين، وعن القتال الذي دار بين الفريقين. كما تحدّثت وثيقة عن الانتهاكات التركية لوادي شعب.
وفي وثيقة أخرى، ورد ذكر تمرد فرقة من الجيش العثماني في صنعاء بسبب انقطاع تسلُّمهم مرتباتهم. كما تحدّثت وثيقة بعدها عن تسوية النزاعات والمطالب المتعلقة بالرعايا الأتراك من ذوي المصالح في الجانب البريطاني من خط الحدود المعلَّم، والعكس بالعكس.
وبالعودة إلى جنوب اليمن المحتل، تحدّثت وثيقة عن مشروع دفع (الدعم المالي) لقبائل القُطيبيين بواسطة أمير الضالع، مع دفع الراتب المزاد للحوشبي عن طريق سلطان العبدلي وتسليمه في موقع نوبة الدكيم. وفي وثيقة أخرى، تناولت المصاعب التي يواجهها أمير الضالع مع قبائله، مع دراسة انسحاب البريطانيين من الضالع.
تلك أخبار ثلاثة أشهر لم تكن لتظهر لولا هذه الوثائق المهمة. وما قدّمته آنفًا إلا عناوين مختصرة لأخبار أُجريت حولها أبحاث متكررة؛ بعضها لم يكن ظاهرًا، وبعضها خفي، وفيها تفصيلات مفيدة وبعض النواقص المغلوطة، لكنها عند مقارنتها بالكتب التاريخية تمدّ الباحث بمواد جديدة تسدّ فراغات وتنير مخفيات.