تقنية السرد في الخطاب الشعري عند ابن المقري

قدمت الأستاذة عُلا الحوثي مقالاً عن «تقنية السرد في الخطاب الشعري عند إسماعيل المقري» وبينت أن مفهوم السرد يشمل أجناسا أدبية وغير أدبية، وأن تجليات السرد في التراث العربي قديمة وأنه مما يكسب الخطاب الشعري أبعاداً جديدة.

نعرج الآن إلى طراوة بحث ممتع، قدمته الأستاذة «عُلا الحوثي»، مقالاً واسعاً عن «تقنية السرد في الخطاب الشعري عند إسماعيل المقري». والحق أنها ألمت بموضوعها في سرد وصفي جميل، مما دفع بي إلى طرح سؤال عن تفوق قدرات النساء على الرجال في التذوق الوجداني للشعر والنثر، إذ إن بواكير هذا التفوق تطلع الآن أزاهيرها الجميلة، ولعله من الثابت عند العلماء أن النساء يتفوقن على الرجال في غزارة العواطف، وعمقها، والعواطف ميالة إلى المتع الفنية، وإلى تذوق جمال الكلمات، وإلى الشعور بمرارة الحزن وشجى الألم، فهي -على هذا الحال- أقدر على تذوق متعة الأدب ومرارته.

سيقول المعترضون من الناس إن النساء لم يبلغن مبلغ الرجال في هذا الفن بالذات، ولا الإحساس به! وأقول لو أنه سمح للنساء بالتعليم كما سمح للرجال، وسمح لها بالحرية كما أعطيت لهم، لكان الوضع مختلفاً، ولما احتيج إلى طرح مثل هذا السؤال، لكن -وليس ينكره أحد- أن النساء عشن حيناً من الدهر لم يكن فيه شيئاً مذكوراً، فكيف لها وسط ذلك الجدب أن تزهر؟! وكيف لها بدون الحرية أن تنطق؟! وإنا لنلاحظ أنه لم يمضِ على تعليم النساء إلا قليلاً من الوقت، ومع قصر المدة فقد أنجبت وتفوقت، فكيف لو كان المجال أمامها مفتوحاً منذ مئات السنين.

هذا مجرد تساؤل أطرحه لمعرفة كيف يجفف الظلم ينابيع الإبداع والتفوق، ويثبت «أن النساء شقائق الرجال» في كل وادٍ ودرب.

عرّفت الكاتبة السرد تعريفاً لغوياً بقولها: «فلان يسرد الحديث سرداً إذا كان جيد السياق به، وإن دلالة مصطلح السرد في الممارسة النقدية الحديثة لم تبتعد عن دلالته في المعاجم اللغوية، وإن مفهوم السرد يشمل أجناساً أدبية وغير أدبية».

وعلى ضوء هذه التعاريف، مضت الكاتبة في معالجة تقنية السرد عند الشاعر المقري، بما يقتضيه المصطلح من معنى، وهي ترى أن «تجليات السرد في التراث العربي قديمة، وقد تحققت صور شتى للسرد في التراث العربي المنجز، على الرغم من أنه مفهوم حديث، وقد اكتسب الخطاب الشعري أبعاداً جديدة، واستطاع الشاعر أن يجسد موقفه من واقعه المعيش ورؤيته له، فانفتح الخطاب الشعري على الفنون الأخرى، واتكأ الشاعر العربي القديم على الحكاية، واستخدم شيئاً من معطيات السرد، وقدم مشاهد وأحداثاً قصصية في عشرات من القصائد العربية، وأن قصائد المقري (تضمَّنت) التقنيات السردية المختلفة، ما أمكن الشاعر التعبير عن رؤاه بطرق متعددة، أتاحت لـه هذه التقنيات السردية طرقاً مختلفة في التعبير، وفتحت للمتلقي آفاقاً واسعة لقراءة خطابه الشعري من خلال ما حمله الخطاب الشعري من نظام قصصي صاغه الشاعر/ السارد بأبعاد دلالية مختلفة تثير انفعالات ومشاعر المتلقي». وتعرضت في بحثها القيم إلى تقنية الحوار الخارجي (الديالوج) وإلى تقنية الحوار الداخلي (المونولوج)، فطرحت توصيفاً جديداً.