من أهداف «مركز التراث والبحوث اليمني» هو تحقيق الرؤية من زوايا مختلفة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وقد قدّمنا رأي المعارضة الدستورية تقريباً، وبقي علينا أن نعرض رأي الجانب المضاد «أي رأي الحكومة المتوكلية»، وقد اخترنا نشر «البلاغ الرسمي» الذي أصدرته هيئة التحقيق التي شكّلتها الحكومة المتوكلية،  وذلك من أجل أن يعطينا فكرة عن وجهة نظرها، لقراءة حجة الطرفين، وبذلك يكون المركز قد عرض وجهتي النظر المختلفين.. وإذا كان الدستوريون قد قدّموا أهدافهم ووجهة نظرهم في نظام الحكم من خلال «الميثاق الوطني المقدس» فإن الحكومة المتوكلية لم تقدم في «البلاغ الرسمي» وجهة نظرها في طبيعة الحكم الذي مارستها أو ستمارسه، ولكنه قدم وصفاً شاتماً لما حدث من الاغتيال، وهو على كلّ حال يكشف جانباً من تصور الدولة المنتصرة.

وكم كنت أتمنى أن يعلق عليه غيري، وما يزال الباب مفتوحاً؛ لأني أنتمي إلى وجهة نظر “الدستوريين” مما قد يبعدني عن الحيادية، ولكني على يقين من صحة الوقائع التي أوردتها، مما لا يجوز أن يكون عليها خلاف، أما الرأي فإن الخلاف وارد على كل حال.  ولكن ذلك لا يمنعني من التعليق عليه؛ لأني فعلاً أسعى مخلصاً إلى فهم الوقائع وتجليسها على حقيقتها، والإعلان الرسمي يعكس وجهة نظر الحكومة المنتصرة، وفي رأيي أن الإعلان الرسمي لم يقترب من التهم الموجهة إلى حكومة الإمام يحيى ولا إلى نظامه، وإنما ركز علي الاغتيال ليثير مشاعر الناس بدون أن يتعرض لتهمة واحدة للنظام، أو يذكر الميثاق المقدس بحرف، ثم إن من يقرأ «البلاغ الرسمي» فسيقرأ فيه انفعالاً ممضّاً وتوتراً سائلاً، وكمية من الشتائم والسباب، تعكس نفسية عاجزة عن الدفاع عن صلاحية الحكم ومقارعة الحجة بالحجة.

على أن أهم ما في البلاغ الرسمي هو أنه قدّم – ولو بصيغة مملؤة بالشتائم – رجال الثورة الحقيقيين والمهمّين الذي قاموا بتفجير الثورة الدستورية.