وقد تضمن هذا البحث محاور رئيسية:
- تمهيد استهل الكاتب فيه الحديث عن ما جاء به الإسلام من دعوة إلى أهمية تنظيم حياة الناس وإدارة شأنهم المشترك؛ من خلال اختيار قيادة مجتمعية مؤهلة بالكفاءة والخبرة والقدرة. وتطرق إلى الظروف الموضوعية والسياق التاريخي الذي استحضر الانتماء العشائري؛ كمؤهل لزعامة المتمع، مشيرًا إلى الكيفية التي مكنت قريش من فرض عصبيتها في حياة المجتمع المسلم بحجة أنهم هم العشيرة التي ينتمي إليها رسول الإسلام. موضحًا أن المسلمين عانوا بسبب ذلك من نزاعات كثيرة، إبتداءا من ظهر نزاع – بين المهاجرين من قريش والأنصار من غيرهم – في الأصلح لخلافة رسول الله في إدارة شأن المسلمين، وكيف تطور الخلاف بعد ذلك حتى أصبح نزاعا قرشي قرشي، ثم هاشمي هاشمي.
- لما كانت مقولة «إن الائمة من قريش» من أبرز ما تم إيراده كنص ديني، يروى عن النبي صلوات الله عليه بصيغ مختلفة؛ فقد خصص الكاتب هذا البحث لدراسته وتحليله من عدة زوايا:
- جمع روايات النص وشواهده، وتتبع طرق وأسانيد رواياته ودراستها باستفاضة، وسجل ما خلص إليه من نتائج حسب المنهج العلمي المتبع في دراسة طرق النقل وتقييمها.
- استعرض حال النص بين الثبوت والسقوط، فهذا النص كغيره من المرويات ذات الحساسية الفكرية والاجتماعية تعرض لكثير من الأخذ والرد، بين مصححيه ومضعفيه. وسجلت مقولات مختلفة من قبَل المتحمسين لإثباته أو رده.
- دلالة النص على فرض صحته، وفي ذلك استعرض الكاتب وجهات نظر مختلفة عن مدلولات النص في سياقه التاريخي، حيث قدر بعض العلماء أنه يوحي بحق قريش في احتكار الخلافة، بينما رأى أخرون أنه لا يقضي بذلك، وإنما حُمل كرهاً عليه. وفي هذا الباب يظهر تأثير السياق التاريخي وطبيعة الوضع السياسي القائم، فكلما كانت السلطة والنفوذ لعصبيات ما فإننا نجد الفتاوى والمفاهيم تمضي في سياقها وتتماشى معها.
- خلص الكاتب إلى أن التنافس العصبوي هو من شكل تلك الظاهرة واستوحي لها الأدلة الشرعية؛ وليس الدين؛ بل إن الدين يحث على أن يكون استحقاق الزعامة مبني على الصلاحية، ولا شرط لذلك سوى القدرة على تحقيق مقاصدها الإنسانة والأخلاقية على أكمل وجه، وبالتالي فإن الشروط التي يتم سردها للمستحق للزعامة هي إما شروط صلاحية، كالقدرة والمعرفة والذكاء وحسن التصرف. وإما تفضيلات اعتبارية غير ثابتة ولكنها تتناسب مع وضع خاص أو سياق ظرف زماني أو مكاني معين، كالانتماء إلى عصبية أو أكثرية أو حالة عاطفية تساعد على تسيير الأمور، وهذه حيثيات لا تتجاوز كونها وجهات نظر اعتبارية تتغير تفاصلها حسب الظروف، وإنما دينتها العصبيات في مراحل معينة، ثم رغبت في بقائها؛ على الرغم من تغيرت متطلبات الحياة وعوامل التميز ومؤهلات القيادة القادرة الرشيدة، في كل زمان ومكان.
وأخيرا يحسن التنبيه على أن هذا المقال كان نواة لدراسة تَوَسع فيها الكاتب، حتى صدرت في كتاب بعنوان «قرشية الخلافة تشريع ديني أم رؤية سياسية» طبع عدة مرات، خارج اليمن وداخله.