الشيخ البهلولي مدرسًا وقاضيًا شعبيًا

يتحدث هذا المقا عن الشيخ البهلولي متعلمًا ومعلمًا، ثم عن إملاءاته وإجازاته العلمية، ثم عن إنتاجه الفكري، فيعطي فكرة عن رجل جاهد بقلمه فأحسن الجهاد. والإجازات التي تحدث عنها الكاتب كانت بمثابة الشهادات العليا التي يمنحها الشيخ لتلميذه المتفوق، وكلما تعددت الإجازات تعددت جوانب علومه، وأصبح من المشايخ الكبار. ولم تكن الإجازات محصورة بأوطانها ومحيطها، بل كانت تدور في الفلك الإسلامي عبر المراسلات والزيارات المتبادلة

أكون مع الدكتور «أيت بعزيز»، وهو برفقة الشيخ السعيد البهلولي مدرسًا وقاضيًا شعبيًّا، المتوفى 1364هـ/ 1945م، وبين عالم اللغة وعالم المالكية 1180 عامًا، فالحديث إذن حديث بداية وحديث معاصرة، وفي حساب الزمن تنتفي الأبعاد.

وكما كان للسيد الزعيم «الفضيل الورتلاني» -رحمه الله- جهد سياسي مرموق في «الثورة الدستورية اليمنية»، فلأخينا الدكتور «أيت بعزيز» فضل في اللقاءات الفكرية التي تشكل جسرًا يمنيًّا جزائريًّا ترتحل عليه أفكار البلدين الشقيقين، حاملة معها في غدوها ورواحها الطيب من إنتاجهما، ثم إن لكلمة «ورتلان» في الأذن اليمنية رنينًا عذبًا، وشيخنا «البهلولي» من «ورتلان» أيضًا.

في مقاله هذا يتحدث عن الشيخ البهلولي متعلمًا ومعلمًا، ثم عن إملاءاته وإجازاته العلمية، ثم عن إنتاجه الفكري، فيعطي فكرة عن رجل جاهد بقلمه فأحسن الجهاد. وسأقف في هذا التقديم عند الإجازات العلمية من حيث هي. فهذه الإجازات كانت هي بمثابة الشهادات العليا التي يمنحها الشيخ لتلميذه المتفوق، وكلما تعددت الإجازات تعددت جوانب علومه، وأصبح من المشايخ الكبار. ولم تكن الإجازات محصورة بأوطانها ومحيطها، بل كانت تدور في الفلك الإسلامي عبر المراسلات والزيارات المتبادلة، وكان من في المشرق يمنح إجازته لمن في المغرب، أو العكس. وليس من شك أن تلك الإجازات كانت من بين العوامل الرئيسية التي حافظت على وحدة التعليم الإسلامي فكرًا وفقهًا، وعندما غلب التعليم الأوروبي، تقطعت أوصال العالم الإسلامي، فانحصرت (الشهادات – الإجازات) على نحو ضيق في أقطارها المبتورة. وأصبحت التعريفات العلمية الغربية تمارس بديلًا، مع أنه يوجد في اللسان العربي ما يقوم بتلك التسميات، خصوصًا وقد رأيت أن لكل الدول الأوروبية والأمريكية تعريفاتها بحسب لغتها، فلماذا لا تكون لنا تعريفاتنا؟

كانت هذه الخواطر مستوحاة من مقال الدكتور، وخير المقال ما كان موحيًا.