والجزائر مسك الختام.. و”اليمن” تدين لـ”الجزائر”، كما سبق أن ذكرت مراراً، بالشيء الكثير للزعيم “الفضيل الورتلاني” في المجال السياسي، وللفيلسوف “مالك بن نبي” في المجال الفكري، بدون معرفة بالتربة التي أنبتت هذين العملاقين، إلى أن جاء الدكتور الصديق “عبد النور آيت بعزيز”، فبدأ يفتح المنافذ، ويفك الأقفال، فنطل من خلال أبحاثه على معرفة الشعب الكريم، إطلالة المستفيد المتطلع إلى تقارب الوشائج وترابط الصلات.
ومنذ حين، ومن خلال أعداد سابقة، والدكتور الكريم يتفضل على قراء “المسار” بمثل تلك الكشوفات التاريخية، فيزيدنا بها علماً، وما نزال نتطلع إلى المزيد، من أجل التقارب المعرفي والأخوي، بعد أن قطع الاحتلال الغربي بيننا الأسباب التي كانت موصولة بدون جواز ولا تأشيرات، وكلنا يعرف أن العلاقات بين “اليمن” و”الجزائر” من قبل الإسلام وبعده، كانت متواصلة، ولكن الانقطاع بين مشرق الإسلام ومغربه منع التواصل، ومن هنا نعرف الخدمة المعرفية والأخوية التي يسديها الدكتور “عبد النور” بنور من عنده من خلال هذا المقال القيم “الإعلام التركي والقضية الجزائرية”، فنطلع على فصل من فصولها مدعوماً بالوثائق والتوثيق.
ركز المقال على “عرض محتوى ومضمون تقارير “السفارة الفرنسية” في “تركيا” من خلال تتبّع ما نشرته الصحافة التركية سنة 1957م [1376هـ] حول موضوع عرض القضية الجزائرية على الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، وهو موضوع شائك للغاية، نظراً لطبيعة العلاقات الودية التي كانت تربط بين تركيا وفرنسا في المجال الاقتصادي والعسكري والتقني، وعضويتهما في الحلف الأطلسي من جهة، وطبيعة العلاقات التاريخية والروابط الدينية بين “تركيا” و”الجزائر” من جهة أخرى”.
ومع أن الموضوع شائك للغاية، ولم تكن “تركيا” قد عادت إلى همومها الإسلامية، إلا أن الدكتور تمكن – برصانة – من تشذيب هذا الشائك، ومكّننا من قراءة فترة كانت فيها “الجزائر” تخوض ثورة مذهلة ضربت بها الأمثال، واستلهمها الأحرار.