وإلى جانب تسابيح الكون، أنتقل إلى مقال الدكتور ”عبد الله صالح القيسي“: «الربا والبنوك في قراءة النص الديني»، أي إلى الجانب المادي المقابل للروحي، فتكون «المسار» قد جمعت بين جانبي الصورة، أو بين المتناقضين الروحي والمادي، ولكن القرآن الكريم يوازن بدقة بينهما، ويدعو إلى الاستفادة من كليهما؛ قال تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ الله الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ الله لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [القصص: 77]. فهذه الآية الكريمة تصالحٌ بين الروحي والمادي، بين الدار الأولى والدار الآخرة. والمال زينة الحياة الدنيا أباح الله طيبه وحرم فاسده، فربط بينهما بحسن التعامل معه، فدعانا أن نحسن التصرف به كما أحسن الله إلينا، ودعانا ألا نجعل منه سبيلاً إلى الفساد، فنفسد قانون الله، والله لا يحب المفسدين. إن مجال الإنفاق على الخير واسع ورحيب وعام، أي أنه يشكل وظيفة اجتماعية عامة يستفيد منها الناس، أما إذا اقتصر على المنفعة الخاصة ولم يستفد منه الناس، فهو حرام وضرب من الأنانية والإفساد.
وأنا لست خبيراً في الاقتصاد، ولكني أؤمن بالقاعدة النبوية «لا ضرر ولا ضرار»، فما يجر إلى منفعة فهو حلال، وما يجر إلى ضرر فهو حرام، وفي هذا الحديث فصل الخطاب، لأن الهدف والغاية هو منفعة الإنسان وعدم إلحاق الضرر به.
وقد تناول الدكتور القيسي في مقاله مفهوم الربا في القرآن، والبنوك: المؤسسات التجارية، ونقاشات فقهية حول الربا والبنوك، وتحت كل عنوان قام بدراسة موضوعية كان فيها الباحث الأمين.