في مقال «بوابة الاجتهاد: أصول الفقه وإسهام علماء الزيدية فيه»، يحيط العلامة محمد عزان كعادته في أبحاثه بموضوعه إحاطة شاملة، ويتمكن من إبراز موضوعه في صورة متكاملة مترابطة، مهما كان البحث عسيراً، أو متشعباً. فقد بدأ بحثه بالجذور التاريخية، من بعد وفاة رسول اللّه صلى الله عليه وآله، ثم تحدث عن أسباب نشأته وعن العوائق التي اعترضت خُطاه، والعوامل التي أسهمت في تشكله وتطوره. ثم مضى يشرح ما حدث من تطور وتنوع، إلى أن وصل إلى: «الفقه الزيدي.. أصوله وملامحه»، فأرجعه إلى الإمام المؤسس زيد بن علي (الشهيد عام 122هـ/750م)، الذي «يظهر أنه استمد أصوله في الدرجة الأولى من منابع التشريع الإسلامي، حيث اعتمد في فقهه على نصوص (القرآن الحكيم).
وذكر أن حركة التجديد لقواعد الفقه نمت «في كل عصر، حتى صار المذهب الزيدي من أثرى المذاهب الإسلامية وأكثرها فقهاً. وعند مراجعة تراث الزيدية في هذا المجال، نجد أنهم قد خلفوا سلسلة طويلة من الكتب التي تناولت مواضيع الفقه وأصوله بكيفيات مختلفة وأساليب شتى».
وانتهى طواف بالحديث عن طبيعة الفقه الزيدي وأصوله. ومن خلال هذا الطواف نعلم أن وجوب الاجتهاد عند الزيدية قد خلق انفتاحاً واسعاً بين الرؤى العلمية، ففقه الإمام القاسم بن إبراهيم السياسي يخالف فقه الإمام زيد، وكذلك فقه الهادي. مما أوجد بحوثاً كبيرة تؤيد الاتجاه السياسي الجديد المخالف لاجتهاد الإمام زيد. أما في الفقه العبادي فقد خالف الهادي جدَّه القاسم، وخالف الإمامان المرتضى والناصر أباهما العظيم. ولهذا أرى أن الإطار الشامل الجامع للزيدية لا يلتمس في الفقه، وإنما في علم الكلام.
- العدد: (59)
- نص المقال >>
- مقالات ذات صلة ..