وإلى موقف آخر من مواقف الفقهاء، أقدم جانباً آخر لفقهاء السلطة عندما يتحدثون عن السياسة، في ما كتبه الأستاذ ”وضاح عبد الباري طاهر“، وعنون مقاله «صلف العصبيات.. طغيان حاكم وتأله فقيه». وقد استهله بمقولة رائعة للمؤرخ ”حاجي خليفة“ يقول فيها: «لا شيء من العلم من حيث هو علم بضار، ولا شيء من الجهل من حيث هو جهل بنافع؛ لأن في كل علم منفعةً ما في أمر المعاد، والمعاش، أو الكمال الإنساني، وإنما يتوهم في بعض العلوم أنه ضار أو غير نافع؛ لعدم اعتبار الشروط التي يجب مراعاتها في العلم والعلماء؛ فإنَّ لكل علم حداً لا يتجاوزه».
وفي مقاله هذا طاف الأستاذ وضاح بعلماء السلطة في كل الأزمنة المسلمة طيافة مطلعة، ومن المؤكد أن فقهاء السلطة -إلى جانب تبرير المظالم- كانوا أحد أسباب انهيار الحضارة الإسلامية وإنزالها من ذروة مجدها، وإن بذرة الانحطاط نبتت من الحاكم المستبد الذي ابتز الأمة أمرها، وغلبها على رأيها، وقال الأستاذ وضاح: «وليس هناك أضر على الحضارات بأن تعطى بعض مفرداتها أكبر من حجمها بالغلو في تقديرها أو المبالغة في الحط منها؛ لما يترتب على ذلك من سوء التقدير واختلال الموازين، وبالتالي فساد الحياة برمتها، وهذا ما فعلته الدعاية التي خَلَقت في حياتنا حكاما متفرعنين ورجال دين متألهين، تحولوا في النهاية إلى كارثة على الأمة في دنياها ودينها».
وقد وقف بشجاعة عند علماء كبار فناقش كتبهم، وتحدث عن آرائهم من مصادرهم هم، ولم يروِ عن أحد منهم ما قاله أو أسنده الآخر عنهم، بل اعتمد على كتبهم ورسائلهم نقلاً أميناً. كما وقف عند أئمة كبار مشهورين تحيط بهم هالة من التقديس، فكشف ما خلف الهالة من كسوف، ولم ينسَ أن يتحدث عن التعصب وآثاره المدمرة وجنايته. كما تحدث عن «التزمت» بتحريم اللعب بالشطرنج وهل يجوز السلام على لاعب الشطرنج أم لا. وعن «تكفير» قراءة الفلسفة وعلم الكلام والمنطق والعلوم الوضعية، ولم يحللوا شيئاً سوى الفقه. وسوف تقرأ في هذا المقال من العجائب والغرائب ما لا يخطر بالبال. لقد كان وضاح في ما كتنبه واضح الرأي صادق الكلمة في ما توصل إليه.
أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ