أميرة علي زيدان

علاقة الشخصية بالمكان في رواية المرأة اليمنية

نقرأ في المقال الخامس للأستاذة "أميرة علي" مقالا ممتعا عن "علاقة الشخصية بالمكان في رواية المرأة اليمنية"، لتبرز ما للمرأة من دور مزدهر أعقبه يقاوم الركود الذي يلقى بها ظلماً وعسفاً وقهراً في غيابة الغبن والتهميش.

ومن الماضي إلى الحاضر، حيث نقرأ في بحث الأستاذة “أميرة علي”: “علاقة الشخصية بالمكان في رواية المرأة اليمنية”، بحثاً ممتعاً، وليس من عجب أن تقدم هذه الأميرة بحثاً في هذا المستوى، فللمرأة في الماضي دور مزدهر أعقبه ركود مطلق ألقى بها ظلماً وعسفاً وقهراً، في غيابة الجب، محرومة من معظم حقوقها، ومنها التعليم، لكن في هذا العصر استعادت النساء جزءاً من حقوقهن، وهي التعليم، فنهضت نهضة واعدة وسط ذهول المراقبين، وأسهمت كتابة في كل مرافق الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية والأدبية والعلمية، وسابقت الرجل وتفوقت عليه في مجالات كثيرة، مع أن زمن التحرر من بعض مظالمها كان قريباً، ويخيل إلي  أنها عندما انطلقت من القمقم اندفعت بكل قواها تعوّض ما فقدته، وقسرت على تركه، في سرعة خارقة لم يكن يتوقع أن تستعيد نشاطها بهذا الشكل، بعد أن مكثت في “القمم الشيطاني” أزماناً شقية بائسة. فهذا النجاح السريع لا يتوازن مع البيات الطويل.

والملاحظة الإيجابية أن النساء لم ينطلقن بردود فعل غاضبة تصلي فيها الظالمين سوط عذاب، بل كانت وقورة في أبحاثها، مصممة على نيل كامل حقوقها. وإن ظهر بعض منهن يكتبن روايات يظهر من خلالها ردود فعل الكبت، والاستغراق في وصف حالات لا تفيد المجتمع، ولا تسعى إلى النهوض به، ولم تكن النساء وحدهن من استغرق في تلك الحالات، فإن بعض الروائيين من الرجال، مع أنهم لم يشعروا قط بحرمان ولا بكبت، ولكن ربما بفعل طلب الشهرة من باب خالف تعرف، والظهور بمظهر المثقف العصري.. والحق يقال إن الغالبية من النساء تبوأن مكاناً علياً نقداً وإرشاداً وتهذيباً، مع العلم أني لا أعترض على أحد، لأن هدفي هو الحديث عما يرفع بنياناً يتهدم، وليس هدفي شجب روايات التسلية والغرائزية التي اختار صاحبها أو صاحبتها طريقه.

ومن هؤلاء الباحثات الرصينات الهادفات أستاذتنا “أميرة”، في مقالها هذا الذي يتناول علاقة الشخصية بالمكان، وتحدثت فيه عن “الرواية” حديثاً متمكناً في أمره. ونحن نعرف أن الرواية  تعمل في مجتمعها ما تعمله القنبلة؛ إن استخدمت في الخير عمرت، وإن استخدمت في الشر هدمت، وقد كان للرواية الهادفة مساهمات كبرى في خلق الوعي الثقافي والسياسي والاجتماعي و الاقتصادي، ولا يجهل أحد ما قدمته روايات “فيكتور هيجو” (10 محرم 1217هـ/22 مايو 1802م) من أياد لـ”فرنسا”، وما قدمته روايات “غوته” (19 شوال1247هـ/22م مارس 1832م) لـ”ألمانيا” من خدمات، وما قدمته روايات “تشارلز دكينز” (9 ربيع الأول1287هـ/9 يونيو 1870م) من مساعدات لـ”بريطانيا”، وينطبق القول نفسه على ما قدمته روايات “تولستوي” (4 رمضان 1323هـ/9 سبتمبر 1910م) من خدمات لـ”روسيا”، ويصح القول نفسه على روايات “نجيب محفوظ” (5 شعبان 1427هـ/30 أغسطس 2006م)، وما قدمته من خدمات لـ”مصر”، بحيث يمكن القول إن تلك البلدان تدين لتلك الروايات البنّاءة بالكثير.

وإنني أرجو من هذا المقال أن يستفيد منه كتاب الرواية من خلال دراسة الأستاذة الفاضلة، ما يفيد، كما أرجو منها متابعة البحث في الرواية، لما تشكله من أثر في المجتمع لا يكاد يشكله موضوع آخر، وهي أهل لذلك بكل تأكيد.