ليس من شك أنّ التعامل مع المرأة عبر تاريخ المسلمين السياسي والاجتماعي -وهو تاريخ في مُجمله مظلم – كان تعاملاً ظلماً بالغ القسوة وبالتحديد عندما أعيد العمل بقوانين العصبية القبلية التي تحتم سيطرة الرجل على المرأة في ظل الحكم الأموي، ثم عمقّ جراحها المتوكل على الله العباسي الذي منع حضورهن للصلاة في الجوامع حيث كانت الجوامع ليست محل عبادة فقط، وإنما هي مدارس فقهية وفكرية، وكانت النتيجة أن حرمت من التعليم، وانغلقت على ذاتها، راضية بقدرها كما أوهمها فقهاء السلطة بهذا التشريع الملزم. ومن ثم تغلف تجهيل المرأة بالتديين. وهنا يكمن أهمية مقال العلامة «عزان» حيث تناول الموضوع تناول مجتهد بارز عليم بـالتشريع الإسلامي ضليع فيه، وبتلك العدة الواسعة تناول الموضوع من زاوية مضادة لفـقهاء السلطة فأبان حقوقها من الناحية الدينية بلسان قرآن مجيد، وحلّ موضوعاً اجتماعياً غلّفه الظلم بالتَّديين، ويكفي هنا أن أسجل ما كتبه أستاذنا كخلاصة جامعة لما جرى بحثه في ظلاله حيث قال:
«وفي هذه الدراسة نلقي نظرة على ما جاء فيه عن المرأة، وهذا الموضوع لم يعد بكراً فقد طرق بأساليب وطرق شتى وقتل بحثاً ودراسة، ولكنني أحاول أن أقدمه من زاوية مختلفة، انطلق فيها من دراسة النص القرآني ذاته مجرداً عن المؤثرات التاريخية من تفسير اجتماعي ونسق ثقافي، إيماناً مني بأن نصّ القرآن يختلف عن غيره من حيث سلامة النصّ ودقة التعبير وبُعد نظر التشريع ومرونته».
وأشهد أنه بحث جديد من زاوية مختلفة، وأنه فتح الطريق للنساء أن يناضلن خصومهن من منكري الحقوق المتساوية بنفس الأسلحة التي رفعوها، بعد أن أوّلوها حسب مشاريعهم وأهوائهم، وبخداع نطقهم ومكر ألفاظهم، أي بحمل راية الحقوق تحت راية القرآن المجيد نفسه، وتحت عنوان: حيثما تكون المصلحة يكون شرع الله.