عبد الله صالح القيسي

قراءة في مشكلات الحديث

في مقالٍ شجاعٍ للأستاذ عبد الله صالح القيسي قدم جانبا من «قراءة في مشكلة الحديث»، خلص فيه إلى أنه تمَّ الخلط بين الحديث والسنة، وبين ما هو قولي وما هو عملي، بعكس ما كان سائداً إلى بداية القرن الثاني الهجري، والذي كان يُطلق "السنة" على الفعل المتكرر و"الحديث" على الكلام.

ومن الشيطان وحديث الشيطان، ووساوس الشيطان، نلوذ بمقالٍ شجاعٍ دبَّجه قلم الأستاذ عبد الله صالح القيسي في مقاله عن «قراءة في مشكلة الحديث»، ولكن للحديث حديث، إذ لم يتعرض حديث للتزوير والكذب، كما تعرَّض الحديث النبوي كما هو معروف، ومن ثمَّ فأنا أقف مع الأستاذ الكريم في تفريقه بين “الحديث” و”السُنَّة” قال «من الأمور الشائعة في تراثنا الحديثي أنَّ الروايات المدونة في كتب الحديث هي السنة ذاتها، وبذلك تمَّ الخلط بين الحديث والسنة، وبين ما هو قولي وما هو عملي، بعكس ما كان سائداً إلى بداية القرن الثاني الهجري، والذي كان يُطلق “السنة” على الفعل المتكرر و”الحديث” على الكلام، وكانوا يقولون: فلان أعلم بالسنة وفلان أعلم بالحديث، وفي ذلك قال عبد الرحمن بن مهدي (ت 198هــ): “سفيان الثوري إمام في الحديث وليس بإمام في السنة، والأوزاعي إمام في السنة وليس بإمام في الحديث، ومالك إمام فيهما جميعاً». وقد لا أتفق مع قول عبد الرحمن في توزيع الاختصاصات إلَّا أنَّ التقسيم نفسه جديرٌ بالاهتمام.

ومضى الكاتب فسجَّل أنَّ أول من جمع المعنيين تحت مسمى واحد هو الإمام الشافعي (ت 204هــ) ونقل عن المرحوم الدكتور طه جابر العلواني معاني “السنة”. وعن الشيخ محمد أبو زهرة وأبو بكر أحمد بن محمد بن الحجاج المروزي (ت 275 هـ) ثم مضى يضرب في أفاق الحديث ويُلم بأهم طرقه فتحدث عن “المتواتر” ويذهب مع الإمام “شلتوت” إلى وجود إسراف في وصف الأحاديث بـ “التواتر” وتحدَّث عن “الظني” و”القطعي” و”التدليس” وعن اختلاف علماء الجرح والتعديل «ولهذا سنجد أنَّ البخاري قد روى عن رجال ضعّفهم مُسلم، كما أنَّ مسلم روى عن رجال ضعّفهم البخاري ولم يرو لهم». واعتبر تدخل التمذهب في التّقييم إضعافٌ لقاعدة التعديل وتعرض للأحاديث المخالفة لصريح القرآن، ولصريح العقل وغيرها من المواضيع الهامة، والخلاصة فبهذا البحث نستطيع أن نلوذ بكنف السنة النبوية الصحيحة ومن ﴿شر الوسواس الخناس* الذي يوسوس في صدور الناس* من الجنة والناس﴾.