أحمد محمد الدغشي

مسوغات الخلافات الدينية وانعكاساتها التربوية

قدّم الدكتور أحمد محمد الدغشي دراسة عن (مسوغات الخلافات الدينية وانعكاساتها التربوية)، وخلص إلى أنه لا بد من وجود توجه جاد نحو دراسة طبيعة الخلافات للتخفيف من غلواء الصراعات، وتقديم ذلك عبر مقرّرات المؤسسات التربوية المتعددة.
  • وبعد هذه الاستراحة المنعشة نرجع إلى موضوع هام للغاية قدّمه الدكتور “أحمد محمد الدغشي” في مقاله: «مسوغات الخلافات الدينية وانعكاساتها التربوية»، وهو والحق يقال بحث علمي موضوعي حلّق فيه بين أودية تتحطم فيه الأجنحة، لما فيها من شعاب ومهاوي ومنعرجات حفرتها أزمنة طوال حتى غيرت معالمها وبدلت أشكالها، ومع ذلك فقد مضى شارحاً مفتشاً منقباً حتى تمكن من إبراز الأخاديد والمهاوي والمنعرجات وطرحها أمام القاري واضحة ليرى هول التغيير والتبديل والمسوغات والتبريرات، المنهٍكة والمنهَكة. لقد بذل فيه من الجهد ما يبذله المخلص في أبحاثه.

وبعد أن طاف بتلك الأودية المتشعبة خرج منها بنتيجة: «لو أن ثمّة توجّهاً جادّاً واستيعاباً تربوياً  جيّداً من قبل القيادات التربوية – بمختلف مستوياتها- لجملة المعاني السابقة ودلالاتها، وانعكس ذلك عبر المقرّرات ذات العلاقة المدرسية العامة والخاصة، الرسمية وغير الرسمية، وعبر المؤسسات التربوية المتعددة الأخرى من أسرة ومسجد وإعلام وأجهزة معلوماتية وأحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني وسواها؛ لما حدث ذلك الاحتراب الديني البغيض بين أصحاب المذاهب والطوائف والجماعات والاتجاهات الإسلامية بكل عناوينها، سواء أكانت أغلبية أم أقلية، ذات جذور قديمة، أم طارئة حديثة، على نحو ما نشهده اليوم. وكان بالإمكان -لو سلمت تلك القيادات من الانغلاق والتعصب الأعمى حيناً، والتسييس الرخيص حيناً آخر-أن تتحول تلك المذاهب العقدية أو الفقهية أو الحركية إلى مدارس في البحث والطلب ذات سمات خاصة، تعمل على تقديم برامج نظرية وعملية، على نحو من الاعتدال والوسطية، بحيث تفيد من بعضها، وتنقل كلٌّ منها خبراتها إلى غيرها، وستغدو – حينها- أوجه الاتفاق محلاً للتعاون والتآزر، فيما ستصبح أوجه التباين والاجتهاد محلاً للتحفّظ ولكن مع الإعذار.

ويمكن الإفادة من جوانب مشرقة في تاريخنا الإسلامي، حيث تعايشت جموع الفرق والمذاهب، وإن حدث بينها من التباين والاختلاف ما حدث، لكنه لم يكن دوماً مصحوباً بالعنف، ولئن حدث قدرٌ من ذلك حيناً، فتظل العبرة بسلوك الكبار من القدوات والقيادات الفكرية والعلمية والسياسية والتربوية الكبرى كالإمام علي بن أبي طالب الذي رفض مواجهة خصومه من الخوارج بسلاحهم التكفيري، رغم عنفهم وتكفيرهم له، ووقوف النص الشرعي إلى جانبه، وحين سئل: أمشركون هم؟ أجاب:” من الشرك فرّوا”. فقيل: “منافقون هم؟ فأجاب:” إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً”، فسئل:” فمن هم إذاً”؟ فقال:” إخواننا بغوا علينا».