نفسح المجال لما تخطُّه يد الأستاذ الدكتور “حميد العواضي” من كتابات قيِّمة عن اللغة العربية، بل عن اللغة نفسها، لأنَّ من ليس له لغةٌ ليس له تاريخٌ وليس له حضارةٌ، فهو موجودٌ كمفقود لم يترك وراءه أثراً. وقد تكون اللغة نقشاً على حجر، أو تصويراً على مدر، أسهمت بهما للمتأخر في معرفة حياة قوم متقدمين اندثروا، وحفظت معالم من حياتهم في تلك النقوش والآثار، وكان كلّما عُثِر عليها أكثر اتسعت وتوسَّعت مساحة التاريخ، ومن المؤكد أنَّ تلك النقوش وتلك الصور كانت هي المقدمة الأولى لظهور أعظم اختراعٍ، وهو الحرف. ولولا الحرف لما ظهرت أيَّة حضارة.
لهذا فإنَّ “المسار” تنشر ما خطه يراع الأستاذ الدكتور “حميد المسعى والمساعي” في هذا السبيل باعتباره دليلا لتلمُّس حضارةٍ سابقة، وتفهُّماً لحضارةٍ معاصرة، وإنماءً لحضارةٍ قادمة، وإحياءً لشعورٍ خامد. واللغة العربية بكلِّ تأكيدٍ غنيَّة خصبة قادرة بتفوَّق على استيعاب كلَّ ما هو جديد.
وفي هذا العدد كتب مقاله “نحو فهرس عربي لأدبيات علم الترجمة”، وقد أحسن وأصاب في هذا المقال، لأنه يتحدث عن ضرورة وجود هذا الفهرس ليُسهِّل الاطلاع على عوالم أخرى من خلال اللغة العربية نفسها. الحق أنَّ جهود الأستاذ الدكتور “حميد المسعى والمساعي”، تستدعي كلَّ التقدير لما يبذله من جهد وموضوعية.