زيد بن على الوزير

وأقفل ملف مواد اتفاقية الدَّعَّان (6)

هذا هو المقال السادس في سلسة المقالات عن «اتفاقية الدَّعان»، قارن فيه رئيس التحرير بين نسخ الاتفاقية التي عثر عليها، منبها على أن الاختلاف في نسخها أدى إلى اختلاف واسع في تقييم مواقف المشاركين فيها فضلا عن اختلاف قراءة تاريخ الأحداث المتعلقة بها. معتبراً هذا المقال إقفالاً لمقالاته عن اتفاقية الدعان، بعد أن كشف بالمقارنة عن مواضع اختلاف النسخ واتفاقها واختلاف مضامينها.
  • يصل مقال: «وأقفل ملف مواد الدّعان» إلى نهاية خُطاه بعد بحث طويل، كان حصاده أن المواد العشرين التي وُقِّع عليها في «الدَّعَّان» قد وجدت أصولها – أو نسخة طبق الأصل من أصولها – في الوثائق المحفوظة في «الأرشيف العثماني» التي عثر عليها كلٌّ من الدكتور “فؤاد الشامي” والدكتور “عبد الكريم العزير”، ومع ذلك فإن بقية من حديث – ليس عن المواد فقد أنجز القول فيها – عن غياب اسم المشير “أحمد عزت” وتوقيعه، وغياب توقيع الإمام “يحيى” وحضور اسمه في الوثيقتين “المعلنة” و”السرّيّة”؛ فهذا الغياب بحاجة إلى بحث تحليلي يكشف أسبابه. وقد أذهبُ إلى القول: إنه ربما تكون التواقيع والأسماء موجودة في “النسخة الأم” التي لم يعثر عليها بعد، إذ إنما ما وجد هو نسخة طبق الأصل عنها. وبالنسبة لما هو بين أيدينا فيبقى تساؤلٌ مثيرٌ وهو لماذا غاب اسم “المشير” وبقي اسم الإمام في “الاتفاقية السرّية” على وجه الخصوص؛ لأن أكثر موادها هي بمثابة تعهّد من “العثمانيين” للإمام بدفع مرتباته ومساعدته سلماً وحرباً مادياً وعسكرياً، وليس العكس، وكان من المفروض أن يوقع على الوفاء بذلك التعهد “المشير” لا “الإمام”.

وكما قلت في المقال إن أهمية دراسة اتفاقية الدعان – بالإضافة إلى أنها تحمل مؤشرات ملامح “الحكم المتوكلي” القادم – أنها شكلت بداية طيبة، ونهاية غير مريحة، فأما البداية فأنها أوقفت سيل الدم وساد بموجبها السلام، وأما النهاية غير المريحة فقد أفضت إلى حكم استفاد من تعاونه مع العثمانيين لمدة ثمان سنوات لترسيخ حكم مُنغلق، كان الحكم العثماني أكثر تطوراً وأوسع خدمات، مما يحتم القول أنها كانت سلاحاً ذا حدين، ومن ثم يوجب الاهتمام العميق بدراستها بروح منصفة.