بعد عدة مقالات عن «إتفاقية الدعان» يتساءل رئيس التحرير «هل أقفل ملفها؟» وفيه راجع بنود الاتفاقية الموقعة بين العثمانيين والإمام يحيى، وقارن بين النصوص المنشورة منها بالعربية والمترجمة عن التركية، وكشف عن مواضع الاختلاف في النسخ المنشورة، ويحمل ذلك من تلاعب سياسي سواء في الترجمة أو التفسير بغرض تسجيل مواقف ومكتسبات تاريخية أمام الأنصار والجمهور.

سؤال عنوان المقال نابع من بعد قراءة الكاتب كتاب الدكتور (فؤاد الشامي) «علاقة العثمانيين بالإمام يحيى في ولاية اليمن» والتي عثر عليها في «الأرشيف العثماني» وعثر في الوقت نفسه على المواد السريةّ التي ظلت محتجبة تماماً طيلة العقود الماضية حتى ظهور كتابه القيم والمفيد، وبنشر «المواد السرية»، والنص المترجم من النص العثماني بدأ الأمر وكأن الملف قد أقفل، وهو كذلك لولا أنّ هذه الاتفاقية قد ترجمت من «النسخة العثمانية» التي قال عنها المؤلف: إنها طبق الأصل من النسخة العثمانية الأم، وليس من النسخة الأم نفسها، وليس في هذا ما يعيبها، لكنه يثير تساؤلاً حصيفا، هو: أين النسخة العربية الأم؟ أو أين النسخة العربية الغائبة التي هي طبق الأصل من النسخة العربية الأم أيضاً، مما يثير تساؤلات كثيرة منها -كمثال – أن الجانبين ربماّ راعيا أن تكتبُ الاتفاقية بما يناسب كلاً منهما؛ فغياب الوثيقة العربية يزيل مدماكاً في الجدار الذي أقيم، ثم إن الاتفاقية العثمانية التي نشرها المؤلف لم تحمل توقيع «الإمام يحيى» ولا «المشير عزت» ولكنها حملت اسم الإمام يحيى بدون توقيعه أو ختمه، ولم تحمل اسم المشير عزت باشا ولا توقيعه ولا ختمه، وكان من المفروض أن تحمله. وهذه بدورها ساعدت في إزالة مردم آخر في الجدار الذي أنجز أيضاً.

لهذه الأسباب مجتمعة تساءلت: هل أقفل ملفها؟ مع العلم أنّ الدكتور قدم ما لمّ يقدمه مؤرخ عربي أخر – حسب علمي – في هذا الموضوع، وإنما هذه الملاحظات حواش توضيحية ليس أكثر فله الشكر على ما أنجزأ.