مقالات العدد السابق

مقالات المسار

يُخلَّد الملوك بأعمالهم وكتبهم، وليس بسيوفهم، فالسيف لا يترك سوى آثار الدمار ورائحة الجثث المتعفنة، بينما القلم ينشر العلم وينفع الناس. سيظل الملك الأفضل حياً بفضل مؤلفاته وميتاً بسبب سيفه، ويعطينا كتابه فكرة عن تحول البساطة إلى فخامة، بل تأثرت بطقوس الإمبراطوريات، وهذا التحول ساهم في تفشي الطغيان والاستبداد، وأصبح التواضع والعدل استثناء في تاريخ المسلمين.
ونختم هذا العدد ‑ وختامه مسك ‑ بما كتبه الدكتور أ.د. محمد أحمد النهاري، أستاذ الأدب والنقد في جامعة صنعاء، عن البردوني: بشار اليمن. وإذ ترحب المسار به كاتباً مرموقاً، وناقداً حصيفاً تجد فيما كتبه واحة خضراء نأوي إليها بعد رحلة البحث العلمي المرهق في صحارى التنقيب، فنستريح فيها قليلاً كطائر حط جناحه في دوح مخضر ساعة من الزمن ثم طار، وها نحن نستريح فيها، ونستروح أنساماً منها، ونهيئ أنفسنا معه لرحلة جديدة، بل لرحلات جديدة، فالسفر مع الدكتور النهاري متعة عقلية وأدبية، كما هي ممتعة مع بقية الباحثين. ونعم الرفيق رفيق الفكر الخلاق.
هذه دراسة تاريخية عن الحاكم بالله الفاطمي، الذي كفّره خصومه السياسيون بتهمة ادعاء الألوهية، ثم تبعهم في ذلك كثيرٌ من المؤرخين المتمذهبين المسيسين، حتى تقبلت تلك الادعاءات بالقبولٍ. ولكن الكاتب يرى - من خلال متابعة سيرة حياته وقوانين حكمه - أنه لا يوجد ما يدل على تلك الاتهامات. ويقدر أن رفع اللبس يسهم في التقريب بين المذاهب الإسلامية.
يعالج هذا المقال قضيةٍ طالما اختلفت حولها المتمذهبون وانقسموا بين مبغضٍ قالٍ ومحبٍ غالٍ.. وفيه ضرب الكاتب على وتر التسامح، ووسيلته البحث الدقيق والاستقصاء العميق والتدقيق الموضوعي. وأبحاثٌ مثل هذه تقود دون شكٍ إلى التفاهم بين المتحاورين، والتقارب بين المتخاصمين؛ لو رغب الناس في الصلاح، وملك كل طرف ضميره وأبقاه حيًا. هذا المقال صلاة صادقة في محراب ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾.
عن ثلاثية «الإنسان والفن والجمال» رسم الكاتب المتمكن الدكتور «بركات محمد مراد» ألوانَها، وحدد إطارَها بما يملك من معرفةٍ في علم النفس والمجتمع، تجعل النفس تتفيأ ظلالَ أملٍ تُحقق الإنسانيةُ فيه سعادتها، وتكشف عن مجالٍ آخرٍ للتلاقي والتآلف عبر هذه الثلاثية. فإن لم نصل إليها فذلك يعني وجود إعاقاتٍ تحول دون ذلك، وإلى أن تتحطم العوائق فدعونا على الأقل نعيش مع بيت المتنبي الشهير: « مُنىً إن تكن حقًا تكن أحسن المُـنى* وإلا فقد عشنا لها زمنًا رغدًا»
تناول البروفيسور «ويلفريد مادولونغ» موضوع «الإمامة.. النظرية اللاهوتية للتطور المؤسسي» في عموم وتفصيل آراء المذاهب الإسلامية الرئيسية، موضحًا كيف تطورت لاحقًا لمواكبة المتغيرات. وما طرقه إليه هو من العوائق السياسية؛ بل أم العوائق، حيث غابت حقيقتها وبقي شكاها، ولعب التمذهب دورًا تخريبيًا في مفهومها ونقلها من «إمامة مدنية» إلى «خلافة إلهية» يمكن توصيفها بالكهنوتية.
يذكر رئيس القسم الشرقي في مكتبة برلين، الدكتور «كريستوف راوخ» أنه أعتمد في دراسته هذه عن «الأماكن المذكورة في بيانات وحواشي المخطوطات اليمنية» على فحص 750 مجلدًا موجودًا في ميونيخ المكتبة البافارية الحكومية وفي ڤيينا المكتبة الوطنية النمساوية وفي برلين مكتبة برلين الحكومية. وأنها توحي بالسياق الاجتماعي والجغرافي للأنشطة العلمية في عصور وأماكن مختلفة من تاريخ التعليم في اليمن.
في عرض محايد وإيجاز مركّز وشيِّق إستقرأ البروفيسور: «ويلفريد مادولونغ»، في مقاله «الإسماعيلية.. تكوينها وحركتها عبر التاريخ»: بدايات تكوين الطائفة، وخلفياتها الفكرية والتاريخية، وبروز قياداتها، وموجات تمددها وانحسارها، وما تخلل ذلك من انقسامات، وتعدد ولاءات، وتفريخ طوائف، واختلافات فكرية، ونزاعات سياسية وعسكرية داخلية وخارجية؛ سواء قبل عصر «الدولة الفاطمية» أو أثناءها أو بعدها.
تتضمن المجموعة (16) من الوثائق البريطانية عن اليمن، أحداثًا جرت في الثلاثة الأشهر الأولى من عام 1907م، وتضمنت مراسلات للإمام يحيى حميد الدين مع البريطانيين، ومفاوضاته مع العثمانيين، وأخبارًا عن جنوب اليمن والمشاكل التي كانت تقع بين القبائل، وعلاقة البريطانيين بتلك الخلافات وإبرام الاتفاقيات.