من أهم مبادئ «مجلة المسار» السعي الدؤوب والموضوعي نحو تفكيك ما بناه التعصب المذهبي -عبر عصور طوال- من أسوار أقاموها وأفرغوا عليها من زبر الحديد قطرًا ما استطاع المصلحون لها نقبًا، وقدر لها أن تقيم بين المدارس الإسلامية حواجز يحتمي خلفها التعصب، وترسل سهام التكفير ضد بعضها، فكان ذلك التعصب من أخطر العوامل التي تسببت في تشويه «الحضارة الإسلامية»، وماتزال حتى اليوم تشكل عائقًا في إحيائها. وليس صعباً أن يلحظ المؤرخ نمو ذلك التعصب من خلال المراحل الأربع التي اشرنا اليها في افتتاحية هذا العدد.
يوافق صدور هذا العدد شهر محرم عام 1441هـ. وكم لهذا الشهر من حديث يلهج ثناءً بانتصار الإسلام، وحديث ينوح حزناً بفاجعة الإسلام، فهو شهر ينطق فرحاً، وشهر يبكي قرحاً. شهر انتصار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، على الوثنية المتمكنة، بهجرته الظافرة إلى المدينة المنورة، وشهر فجيعة الإسلام باستشهاد الحسين بن علي عليه السلام، في كربلاء، حيث ظن قاتلوه أنهم أجهزوا على المُثل العليا المجسدة فيه وفي شهدائه، ولم يعرفوا أن المثل العليا لا تُنحر، وأنها تظل تحمي وتدافع، وتبقى قذىً في كل عين ظالم وشجى في قلبه.
يوافق صدور هذا العدد حلولَ شهر رمضان الكريم لعام 1441هـ. وبهذه المناسبة العظيمة يسعد أعضاء «مجلة المسار» أن يتقدموا إلى الأمة الإسلامية بكل مذاهبها وشعوبها، بالتهنئة المباركة بشهر الخير والسلام، كما يسعدهم أن يتقدموا بوافر التهنئة للإنسانية كلها، داعين رب العالمين أن يشمل العالم كله بالإخاء والتفاهم بالكلمة الحسنى، فهذا الشهر الكريم يدعونا لنتذكر وجوب حسن العلاقات الإنسانية التي جمعنا الله تحت آيته الكريمة «رب العالمين»، في افتتاحية القرآن الكريم، وأكد على هذا المعني في آيته «إله الناس» في ختام القرآن الكريم.